اسم الکتاب : الإمام الصادق عليه السلام المؤلف : الشيخ محمد حسين المظفر الجزء : 1 صفحة : 228
فلهذا أو لغيره كان دأب أرباب الأخلاق الفاضلة التكتّم في الصلة و شأن أهل البيت خاصّة التستّر في صلاتهم، فلا تكاد تمرّ عليك سيرة إمام منهم إلّا و تجد فيها ترقّبه للغلس ليتّخذه سترا في الهبات و الصّلات.
فلا أرى ذلك الإصرار على الأسرار إلّا لأنّهم لا يريدون أن يشاهدوا على الآخذ ذلّة الحاجة و الخضوع للمتفضّل المحسن، و إنهم أزكى نفسا و أعلى شأنا من أن يخافوا الفتنة في الإعلان.
و من ثمّ تجد الصادق اذا جاء الغلس أخذ جرابا فيه الخبز و اللحم و الدراهم فيحمله على عاتق، ثمّ يذهب الى أهل الحاجة من أهل المدينة فيقسّمه فيهم و هم لا يعرفونه، و ما علموا ذلك حتّى مضى لربّه فافتقدوا تلك الصلات، فعلموا أنها كانت من أبي عبد اللّه 7 [1].
و هذه السيرة درج عليها آباؤه من قبل، و نهج عليها بنوه من بعد.
و ما كانت سيرته تلك مع أهل المدينة خاصّة بل يعمل ذلك حتّى مع الهاشميّين، فإنه كان يتعاهدهم بالصلة و يتخفّى في نسبتها إليه، و كان يرسل إليهم بصرر الدنانير و يقول للرسول: قل لهم إنها بعث بها من العراق، ثمّ يسأل الرسول بعد عودته عمّا قالوه فيقول: إنهم يقولون: أمّا أنت فجزاك اللّه خيرا بصلتك قرابة رسول اللّه 6 و أمّا جعفر فحكم اللّه بيننا و بينه فيخرّ أبو عبد اللّه 7 ساجدا و يقول اللّهمّ أذل رقبتي لولد أبي [2].
و أعطى يوما صرّة لأبي جعفر الخثعمي [3] و أمره بأن يدفعها الى رجل من بني هاشم و أمره بكتمان الأمر، فلمّا أوصله بالصرّة قال: جزاه اللّه خيرا ما يزال