اسم الکتاب : الإمام الصادق عليه السلام المؤلف : الشيخ محمد حسين المظفر الجزء : 1 صفحة : 112
عقيم، و قد آليت على نفسي ألّا امسي عشيّتي هذه أو أفرغ منه، قال محمّد:
فو اللّه لقد ضاقت عليّ الأرض برحبها، ثمّ دعا سيّافا و قال له: إذا انا أحضرت أبا عبد اللّه الصادق و شغلته بالحديث و وضعت قلنسوتي عن رأسي فهي العلامة بينى و بينك فاضرب عنقه، ثمّ أحضر أبا عبد اللّه 7 في تلك الساعة و لحقته في الدار و هو يحرّك شفتيه فلم أدر ما الذي قرأ، فرأيت القصر يموج كأنه سفينة في لجج البحار، و رأيت أبا جعفر المنصور و هو يمشي بين يديه حافي القدمين مكشوف الرأس قد اصطكت أسنانه و ارتعدت فرائصه، يحمرّ ساعة و يصفرّ اخرى، و أخذ بعضد أبي عبد اللّه و أجلسه على سرير ملكه و جثا بين يديه كما يجثو العبد بين يدي مولاه، ثمّ قال: يا ابن رسول اللّه 6 ما الذي جاء بك في هذه الساعة؟ قال: جئتك يا أمير المؤمنين طاعة للّه و لرسوله 6 و لأمير المؤمنين أدام اللّه عزّه [1].
قال: ما دعوتك، و الغلط من الرسول، ثمّ قال: سل حاجتك، فقال:
أسألك ألّا تدعوني لغير شغل، قال: لك ذلك و غير ذلك، ثمّ انصرف أبو عبد اللّه 7 سريعا، و حمدت اللّه عزّ و جل كثيرا، و دعا أبو جعفر المنصور بالدواويج [2] و نام و لم ينتبه إلّا في نصف الليل، فلمّا انتبه كنت عند رأسه جالسا فسرّه ذلك، و قال: لا تخرج حتّى أقضي ما فاتنى من صلاتي فاحدّثك بحديث، فلمّا قضى صلاته أقبل على محمّد و حدّثه بما شاهده من الأهوال التي افزعته عند مجيء الصادق، و كان ذلك سببا لانصرافه عن قتله و داعيا لاحترامه و الاحسان إليه.
يقول محمّد: قلت له: ليس هذا بعجيب يا أمير المؤمنين، فإن أبا عبد اللّه
[1] لا بدع لو قال له: طاعة للّه و لرسوله و لأمير المؤمنين، و إن لم تكن للمنصور طاعة، لأن الخوف على النفس و النفيس يلزمه بالمجيء، فتكون المحافظة عليهما واجبة و التخلّف إلقاء بالتهلكة.
[2] بالجيم المعجمة جمع دواج كرمان و كغراب: اللحاف الذي يلبس.
اسم الکتاب : الإمام الصادق عليه السلام المؤلف : الشيخ محمد حسين المظفر الجزء : 1 صفحة : 112