اسم الکتاب : إتحاف الأخيار بغرائب الأخبار المؤلف : إدريس الجعيدي الجزء : 1 صفحة : 323
و كل واحد قدامه كتاب و كبيرهم مقابل لهم، فعند إشرافنا على الدخول عليهم تكلم معهم الكبير فوقفوا و أشاروا بالسلام، و ذكر أنهم يأتون إلى هذه الدار في الساعة الخامسة من صباح كل يوم، و لا يخرجون منها حتى تصل الساعة الحادية عشرة ليلا، فيكون مدة مقامهم بهذه الدار ثمان عشرة ساعة، و تبقى لهم من اليوم بليلته ست سوائع للنوم و الاستراحة، و لهم في هذه الدار مطابخ عديدة و مواضع للأكل و طوابل و شوالي على عادتهم، و في بعض المواضع موسيقا حيث دخلنا إلى تلك المواضع تقدم بعض المتعلمين إلى تلك الموسيقا و صار يخدم بها هنيئة بنغمات عجيبة لطيفة.
و في الساعة التاسعة عدا ثنتي عشرة دقيقة، ركبنا في بابور البر من باريس قاصدين مدينة اليون، للمرور عليها إلى بر إيطاليا، ذلك من ليلة الجمعة العشرين من رجب، و خرج معنا ترجمان الدولة الفرنصوية مع ترجمانهم الذي كان طلع من طنجة.
زيارة رأس بعض جبال ليون
و كان دخولنا إلى ليون في الساعة الثامنة من صباح يوم الجمعة، فتكون مدة السفر بينهما إحدى عشرة ساعة و ثنتي عشرة دقيقة، باعتبار مقام البابور و وقوفه في بعض المدن التي بينهما لنزول بعض الناس فيها و حمل آخرين منها على العادة، و هذه المدينة يحيط بها الجبال من بعض الجهات و هي معمورة أي الجبال، و مع ذلك تصعد الكراريس إلى أعلا جبالها في طرق بها/ 279/ ارتفاع يسير ينطوي في طول هذه الطرق ارتفاع تلك الجبال، و تكون الخيل التي تجر الكراريس في هذه الطرق المرتفعة تسيرا سيرا مهلا.
[1] إشارة ضمنية من الجعيدي إلى أن التطور الأوربي و خاصة في الميدان العسكري وليد التربية و التعليم المكثف و المستمر، و ثمرة مدارسهم المتعددة لتكوين أبنائهم تكوينا ثقافيا و علميا منذ الصبا.