اسم الکتاب : إتحاف الأخيار بغرائب الأخبار المؤلف : إدريس الجعيدي الجزء : 1 صفحة : 235
بعضها لما له في ذلك من الأغراض، وسقا و وضعا، فوقف أولا في مدينة لوفاير في الساعة العاشرة و نصف، و في طرلام في الحادية عشرة و ربع، و في أنس في ثنتي عشرة و ست دقائق، و في أوبرى في ثنتي عشرة و ربع، و وصلنا لمدينة الياج بعد منتصف النهار بثلث ساعة، فتلقى للباشدور عاملها و كبراؤها، و أخبروا أن كبير دولتهم أمره بالوقوف معنا حتييطوف بما في هذه البلدة و في أخرى قربها، لنرى ما لهم هناك من الفبريكات العظام التي لا توجد عند غيرهم من الأجناس، ثم أتانا بأكداش ركبناها و سرنا إلى محل النزول، فأنزلونا في أشرف المواضع عندهم و أنظفها، فنزلنا في الطبقة الثانية منه، فاتخذنا فيه صالة مزخرفة غاية لللأكل، و أخريين للنوم. و وجدنا في هذه الطبقة بيتين من بيوت الخلاء و آخر فيه بانيو للوضوء، و هو صندوق يتخذونه من بعض المعادن و الماء ينزل إليه عند الحاجة في بزبوزين. و في هذه المدينة من التحف و اللطائف شيء كثير لا نرى في غربنا إلا أقل قليل، و خرجت في بعض الأوقات مع الأمين و معنا ترجمان دولتهم/ 185/ و رجل من كبراء عسكرهم.
و توجهنا لبعض أسواقهم، فاجتمع علينا جم غفير من الرجال و النساء و الصبيان، حتى كادت تسد الطريق، و هم يتعجبون منا أكثر من تعجب غيرهم منا، فحين رأينا ذلك رجعنا لمحلنا، لأنهم لا يطرقهم أحد من المسلمين إلا نادرا. و مع ذلك قيل لنا نلبس بلغة من بلاغهم، و كسوة من مساويهم إلا الطربوش فنتركه، فنزع العمامة ليلا نصير عندهم مثلة و أعجوبة، و هم مع ذلك لا تصدر منهم إذاية و لا مضرة، لا من الكبير و لا من الصغير إلا ما كان من كثرة الضحك و اللغط جهرا فيما بينهم. و مررنا ذات يوم في الأكداش على رجل كبير السن، فحين رأى الباشدور قفز من موضعه