اسم الکتاب : إتحاف الأخيار بغرائب الأخبار المؤلف : إدريس الجعيدي الجزء : 1 صفحة : 176
منفردين في محل، و جلس صاحب السر على شيلية، و بقي معه من يحسن العربية، و جلسنا نحن قريبين منه، و جلس معنا من يحسن لغتنا أيضا، فأخبرنا أنه يحب العرب لأنه نشأ في بلادهم، و مهما رأى رجلا من العرب ينشرح له صدره غاية، و أنه تقدمت له الخدمة في العسكر في قسنطينة أربعة عشر عاما/ 109/ مع أنه صغير السن يمكن أن يكون سنه نيفا و ثلاثين سنة و الله أعلم. و بقي المارشال أي كبير الدولة، واقفا يتكلم مع كل واحد من الكبراء الذين كانوا على المائدة واحدا بعد واحد. ثم دخلت زوجته و صارت تكلمهم أيضا كذلك مع طلاقة وجه و بشاشة، و دخل بعدها نساء أخر إما أربع أو خمس، و صرن يتكلمن مع البعض دون البعض و هن يتعجبن من زينا و لباسنا، و كان من جملة ما تكلم به كبير الدولة بواسطة ترجمانه مع صاحب السر المذكور: أن هذه الضيافة جعلتها فرحا بقدومكم تعظيما لجانب سلطان المغرب، سيدي الحسن نصره الله، فأجابه بما يقتضيه المقام من حسن الكلام، ثم انصرفنا إلى محلنا في الأكداش، و وصلنا في الساعة الحادية عشرة و نصف من الليل، و تذكرت ما كان تكلم معي به بعض من له صلة بهذه الدولة حين طالع الأبيات.
الطلوع بالهدية لعظيم الدولة
و في يوم الجمعة الثالث و العشرين من جمادى الأولى المذكور، طلعنا لحضرة كبير الدولة مع الخيل و الهدية، بعدما ركبنا في أكداس المخزن على العادة، و جعل على تلك الخيل جلالاتها المرصعة بالذهب، المصنوعة بحضرة فاس الطيبة الأنفاس
[1] و قد يستدعي سيد البيت السيدة قرينته للترحيب بالضيوف صحبة رفيقاتها، و لتشكر كذلك على المائدة الأنيقة التي أشرفت على إعدادها، و لتوديعهم و السماح للمدعوين بالانصراف. (نفس المرجع السابق).