responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : إتحاف الأخيار بغرائب الأخبار المؤلف : إدريس الجعيدي    الجزء : 1  صفحة : 147

كل منا في محل يناسب مرتبته، و يلائم مقداره و منزلته. ثم أخذ البابور في السير بلا مشقة و لا ضير، قاصدا سمته، ما ماد، و لا مال، و نحن بين جنتين عن يمين و شمال، و الأنهار جارية، و أشجار البساتين متقاربة لا متجافية، و الأنهار قارة تسير بمسيرنا، و تارة تعارضنا فنشقها على قناطير بطريقنا و تارة تلقانا الجبال الشاهقة، فترى الطريق تشقها كأنها دكتها صاعقة. و كم في الطريق من المدن و المداشر./ 65/ فيها فابريكات الصنائع، و عجائب المفاخر، و امتدت السكة على هذا المنهاج الذي فيه غاية السرور و الابتهاج من البداية إلى النهاية، بما فيه من المصالح فوق الكفاية، إذ ليس ترى بعد الجبال اليسيرة و القرى، إلا جنات تجري خلالها الأنهار، أو مزارع و صفوف البلنز من الأشجار، عن اليمين و اليسار، تروق المبصرين، و تسر الناظرين، هذه بعض أوصاف‌ هذه الطريق على سبيل الاختصار، و ليس ذلك مني محضر اختصار، لأننا أدركنا الليل، و جر علينا من النوم كجر السيل، فحصل لي من الملل و موحيات الكسل ما هو مغروز في طباعي، و لا قدرة به لساعدي و باعي، و كأن الشأن في مسيرنا و دأبا في طريقنا كلما وصل البابور إلى مدينة، يفق يسيرا لقانون مشهور، فيوتي لنا بما هناك من الأطعمة و الأشربة، مستلذة غير مطربة، فنتناول منها شيئا يسيرا، و منا من يتزود منها قدرا كثيرا، فكانت النعم تصحبنا في السفر كما كنا نجدها في الحضر.


[1] و قد وصف هذه الطريق الفقيه محمد الصفار التطواني في رحلته السفارية «رحلة إلى باريس 1845- 1846 م» صحبة السفير أشعاش إلى فرنسا سنة 1845 م، مخطوط خ. م. رقم 113 بالرباط.

«... و قد رأينا في طرقنا هذه ... إنهم جادون في عمارة الأرض بالبناء و الغرس و غيره، لا يسلكون في ذلك طريق التساهل، و لا يصحبهم فيه تغافل و لا تكاسل، فلا ترى عندهم شيئا من الأرض ضائعا أصلا، و لا ترى عندهم خرابا و لا أرضا مواتا، حتى إن الأرض التي ترابها ردي‌ء، ينقلون لها التراب الجيد من أرض أخرى، و يعطون لكل نوع من الأرض ما يستحقه ...». رحلة الصفار، درستها و حققتها سوزان ميلار جامعة هرفارد، و عرب الدراسة خالد بن الصغير، سنة 1995 م، منشورات كلية الآداب بالرباط، رقم 2.

[2] بياض صفحتين كاملتين/ 66/ و/ 76/. المخطوط.

اسم الکتاب : إتحاف الأخيار بغرائب الأخبار المؤلف : إدريس الجعيدي    الجزء : 1  صفحة : 147
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست