اسم الکتاب : بحوث تحلیلیة في قاعدة التسامح الفقهیة المؤلف : محرابی، محمدامین الجزء : 1 صفحة : 57
التسامح في دین الإسلام، لیتعیّن من خلال ذکر هذه المظاهر المختلفة محلّ بحثنا عن التسامح، لأنّ التسامح له مجارٍ متنوعة و ألوانٌ متعددة، و هذه الأنواع و المصادیق المختلفة و إن کانت ترجع إلی قدر واحد مشترک و هو جنس التسامح المتمثّل من خلالها، لکن موضوع کتابنا هو التسامح الخاصّ بجریانه في إطار مشخّص، فلذلک نحن نعیّن ذلک و نبیّن أقساماً أخری لیتمکن القاریٔ و الباحث الخبیر لتصور وجود الاشتراک بینه و سائر المصادیق في الحقول المتمایزة و کذلک یطلع علی ما یفرز المصادیق عن الأخری و یتحصّل من جرّاء ذلک تصور کامل له عن التسامح الفقهی، لأنّ مجرّد التعبیر عن موضوع کلامنا بالتسامح في أدلة السّنن، لایکاد یفید تلک المرتبة الأکمل من التصور الذهنی لهذه الماهیة المبحوث عنها في الفقه.
أ. التسامح في العبادات
من مظاهر هذا التسامح والتیسیر جواز التیمم لمن أراد الصلاة و کان مریضاً بحیث یمنعه المرض من استعمال الماء، أو یؤدی استعمال ذلک إلی عدم البرء من المرض بسرعة، وکذلک یشرّع التیمم للمسافر السالک طریق الصحراء أو الطرقات العامة، بل الطهارة یبدل عن المائیة منها بالترابیة سواء کانت عن الحدث الأصغر أو الأکبر و وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ <ذلک کما في قوله تعالی: لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيمَّمُوا صَعِيدًا طَيبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيدِيكُمْ إِنَّ بل العبادات بنیت کلّها علی السماحة و التیسیر في الأداء، فلم >اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا [1]