اسم الکتاب : دراسات في ولاية الفقيه و فقه الدولة الاسلامية المؤلف : منتظري، حسينعلي الجزء : 1 صفحة : 4
و ميول مختلفة : من حب الذات، و
حب المال و الجاه، و الحرية المطلقة في كل مايريده و يهواه . و كثيرا ما يستلزم ذلك كله التزاحم و التضارب في
الافكار و الاهواء، و يستعقب الجدال و الصراع . فلامحالة تقع الحاجة الي قوانين و مقررات، والي قوة منفذة لها
مانعة من التعدي و الكفاح، و لا نعني بالحكومة الا هذه القوة المنفذة .
بل الحيوانات أيضا لا تخلو من نحو من النظام، كما يشاهد ذلك في النمل و النحل و نحوهما.
و حتي لو فرضنا محالا أو نادرا تكامل المجتمع و تحقق الرشد الاخلاقي لجميع أفراده، و حصول الايثار و
التناصف بينهم فالاحتياج الي نظام يجمع أمرهم في المصالح العامة ويسد حاجاتهم في الارزاق و الامور الصحية،
و التعليم و التربية، و المواصلات و المخابرات، و الطرق و الشوارع و غير ذلك من الامور الرفاهية، و جباية
الضرائب و صرفها في هذه المصارف العامة، مما لا يقبل الانكار. و لا يختص هذا بعصر دون عصر أو ظرف دون
ظرف .
فما عن الاصم من عدم الاحتياج الي الحكومة اذا تناصفت الامة و لم تتظالم، و ما عن ماركس من عدم
الاحتياج اليها بعد تحقق الكمون المترقي و ارتفاع الاختلاف الطبقي واضح الفساد.
و أما ماتراه من استيحاش أكثر الناس في بلادنا و تنفرهم من اسم الحكومة و الدولة فليس الا لابتلائهم طوال
القرون المتمادية بأنواع الحكومات المستبدة الظالمة أو غير اللائقة التي لم تملك البصيرة و الكفاية . و الا
فالحكومة الصالحة اللائقة الحافظة لحقوق الامة الاخذة بيدها المدافعة عن منافعها و مصالحها، مما تقبلها الطباع
السليمة و يحكم بضرورتها العقل السليم .
بل ان الحكومة الجائرة ايضا مع مافيها من الشر والفساد خير من الفتنة والهرج، كما عن اميرالمؤمنين :(ع)
"وال ظلوم غشوم خير من فتنة تدوم ."[1]
و في نهج البلاغة في رد كلام الخوارج : "هؤلاء يقولون : لا امرة الا لله، و انه لا بد للناس من أمير بر أو فاجر يعمل في
امرته المؤمن و يستمتع فيها الكافر."[2]