اسم الکتاب : نهاية الاصول المؤلف : منتظري، حسينعلي الجزء : 1 صفحة : 409
الفصل الثالث : التجري
تحرير محل البحث
قد ذكرنا سابقا ان حجية القطع و منجزيته للواقع، ذاتية فاذا قطع بحرمة شيي و كانت الحرمة ثابتة في الواقع كانت منجزة علي
العبد بحيث لاعذر له في مخالفتها و يستحق العقوبة عليها. و اما اذا قطع بالحرمة و لم تكن ثابتة في الواقع فهل يستحق العبد العقوبة
بمخالفة قطعه حينئذ ام لا؟ فيه خلاف . و قد عبروا عن هذه المسئلة "بالتجري". و قبل الورود فيها و بيان ما قالوا، يجب تحرير محل
النزاع و بيان الجهات التي يمكن ان تكون مبحوثا عنها.
فنقول : يمكن ان يكون المبحوث عنه، هو ثبوت الحرمة الشرعية لمقطوع الحرمة مثلا. و يمكن ان يكون المبحوث عنه، هو قبحه
العقلي من دون ان يستتبع حكما شرعيا; و علي الاول، فاما ان يقال : بثبوت الحرمة لمقطوع الحرمة بما هو مقطوع الحرمة، سواء كان
القطع مصادفا للواقع او مخالفا له فيجتمع في صورة المصادفة حكمان شرعيان، تعلق احدهما بالعنوان الواقعي، و ثانيهما بعنوان
مقطوع الحرمة . و اما ان يقال : بثبوت الحرمة لمقطوع الحرمة ولكن لامطلقا بل في صورة مخالفة القطع للواقع فيكون الموضوع في
الحقيقة عبارة عن مقطوع الحرمة الذي خالف قطعه، الواقع .
و كذا لو كان النزاع في القبح العقلي ; فاما ان يقال : بثبوت ملاك اخر لقبح الفعل المتجري به سوي ما هو ملاك لقبح العصيان . و
اما ان يقال بقبحه بعين ملاك العصيان بحيث يكون ملاك حكم العقل بقبح العصيان و التجري امرا واحدا. فالجهات التي يمكن ان
تكون مبحوثا عنها اربعة .
و لايتوهم انه بناء علي الاول يلزم اجتماع المثلين في صورة المصادفة و ذلك لما عرفت منا في مبحث اجتماع الامر و النهي من
بيان حقيقة الاحكام و ان تعلقها بالمتعلقات ليس من باب العروض، فراجع . و قد اشرنا الي ذلك قبيل هذا المبحث ايضا.
اسم الکتاب : نهاية الاصول المؤلف : منتظري، حسينعلي الجزء : 1 صفحة : 409