اسم الکتاب : نهاية الاصول المؤلف : منتظري، حسينعلي الجزء : 1 صفحة : 16
التعارض، و مسألة حجية القطع بقسميه من التفصيلي و
الاجمالي، فان حجية القطع التفصيلي و ان كانا أمرا واضحا، و لذا لم يتعرض لها القدماء، الا أن توهم عدم الحجية في بعض أقسامه
أوجب البحث عنها، فهي أيضا من مسائل علم الاصول، و لاربط لها بالمسائل الكلامية، كما في الكفاية، و ليست الحجة في
اصطلاح الاصولي عبارة عن حدالوسط بل هي بمعناها اللغوي، أعني ما يحتج به المولي علي العبد و بالعكس في مقام الامتثال،
فيكون القطع بقسميه أيضا من مصاديقها حقيقة، و علي هذا فمبحث الاشتغال من مباحث الاصول ; حيث يرجع البحث فيه الي
البحث عن حجية العلم الاجمالي . و كذلك مبحث حجية الاستصحاب، بل و مبحث البراءة ايضا، اذ محصل البحث فيه هو أن
صرف احتمال التكليف يكفي لتنجيز الواقع و يصحح احتجاج المولي و مؤاخذته أم لا، و كذلك مسألة التخيير; حيث ان المبحوث
عنه فيها أنه في مقام دوران الامربين المحذورين هل يكون الاخذ بأحد الطرفين كافيا في احتجاج العبد علي المولي ؟ و هكذا البحث
عن حجية المفاهيم، فان البحث فيها ليس في أصل ثبوت المفهوم، بل في حجيتها، حيث ان لذكر القيد الزائد مثل الشرط و الوصف
و أمثالهما ظهورا ما في الدخالة بلا اشكال، و انما يقع البحث عن حجيتها، و سيأتي تحقيقه في محله . و بالجملة فكل مسألة تكون
حيثية البحث فيها حجية أمر من الامور، التي تصلح للحجية، أو تتوهم حجيتها فهي مسألة أصولية .
نعم، لما كانت حجية بعض الحجج أمرا واضحا لم يتصد القدماء للبحث عنها، كمسألة حجية القطع مثلا، و كحجية الظواهر،
حيث ان أصل حجية الظواهر كانت أمرا مفروغا عنه، و انما كان يقع الاشكال في بعض الموارد التي حصل فيها للكلام نحو
اضطراب و اختلال، كالعام المخصص، أو اللفظ المستعمل كثيرا في المعني المجازي و نحو ذلك .
و كيف كان فهذه المسائل كلها مسائل أصولية . نعم، بعض المباحث التي لم يكن المبحوث عنه فيها حيثية الحجية تكون
خارجة من الاصول، و تدخل في سلك المبادي، كمسألة مقدمة الواجب، و مبحث الضد، و أمثالهما، فتدبر.
و قد تلخص من جميع ما ذكرنا أن موضوع علم الاصول هو عنوان "الحجة في الفقه"، و محصل مسائله تشخيص مصاديق
الحجة و تعيناته .
و لذلك تري الشافعي يبحث في رسالته التي ألفها في هذا الفن عن حجية الحجج الشرعية من الكتاب و السنة و أمثالهما،
فتأمل في المقام ; فانه بالتأمل حقيق .
اسم الکتاب : نهاية الاصول المؤلف : منتظري، حسينعلي الجزء : 1 صفحة : 16