اسم الکتاب : مجمع الفوائد المؤلف : منتظري، حسينعلي الجزء : 1 صفحة : 279
و بالجملة، المناصب الثلاثة متلازمة، و كلها مجعولة لشخص واحد، فيكون منصب
الافتاء أيضا مجعولا تعبديا. و لامحالة يشترط في المفتي شروط خاصة أيضا ذكروها في محلها.
و بالجملة مرجعية الفتوي ليست الا تداوم مقام الولاية و الامامة، و لاجل ذلك أجمع
فقهاؤنا علي عدم جواز تقليد الميت . هذا.
الاشكال في ثبوت الولاية للفقيه بالنصب في عصر الغيبة
و لكن قد مر منا الاشكال في انحصار طريق الامامة في النصب، و في دلالة الادلة عليه
ثبوتا و اثباتا. و لعل الشارع المقدس أحال تعيين الوالي في عصر الغيبة الي انتخاب الامة مع
رعاية الشرائط المعتبرة، و أمر الافتاء الي مااستقرت عليه السيرة كما مر بيانها، فتدبر.
وحيث ان الوالي المنتخب يراعي فيه الشروط الثمانية التي مرت و منها الفقاهة بل
الاعلمية مع الامكان فلامحالة مع كون الاعلم واجدا لسائر الشرائط يتعين انتخابه للولاية،
فتجتمع المناصب الثلاثة لواحد قهرا. و هو الانسب لمصالح الاسلام و المسلمين، حيث ان
المقصود جمع أمر المسلمين و توحيد كلمتهم، و لايحصل ذلك الا بوحدة الامام والقائد.
و لكن اللازم هو أن يستعين الامام في كل شأن من الشؤون الثلاثة بأهل الخبرة فيه .
ففي الافتاء أيضا يلزم أن يدعوا جماعة من أهل الفتوي و النظر و يعقد شوري فتوي
يرجع اليها في المسائل المعضلة، فلايفتي فيها الا بعد تلاقح الافكار و استماع الانظار المختلفة، اذ
ربما هلك من استبد برأيه .[1]
[1] ان اجتماع المناصب الثلاثة اي السلطات التشريعية والقضائية والتنفيذية لفقيه واحد لزمان غيرمحدود و ان امكن علي ضوء نظرية الانتخاب، و لكن حيث ان مشروعية الولاية في عصر الغيبة علي هذا النظر مشروطة برضا الناس و انتخابهم عن وعي و اختيار، فللناس حق و خيار ايضا أن ينتخبوا الفقيه لزمان معين و بشكل معين و مع شرائط خاصة ذكرت في الدستور او في عقد البيعة، او يجعلوا بالبيعة بعض تلك السلطات لبعض الاشخاص الواجدين للشرائط مقيدة بزمان و عمل معينين، والبعض الاخر لبعض آخر كذلك، و هذا هو الذي قد يسمي في محاورات اليوم بتفكيك القوي كما أن الاول يسمي بتمركز القوي . و قد مال الاستاذ - دام ظله - في آرائه الجديدة الي الطريق الثاني اعني تفكيك القوي، و صرح في منشوراته بأن الطريق الاول و هو تمركز القوي في شخص واحد مدي حياته كان يصلح في عصر كان ادارة المدن و تدبيرها امرا سازجا، و لكن اليوم حيث تحتاج ادارة و تدبير البلاد الي خبراء عديدة و الي علوم متشتة التي لاتجتمع عادة في شخص واحد، فقيها كان او غيره فلو قلنا بلزوم اجتماع المناصب الثلاثة في فقيه واحد الذي يكون خبيرا في الفقه فقط، بل و في غير الفقيه ايضا فذلك يوجب تفويت مصالح كثيرة مهمة من الشعب التي نقطع بعدم رضا الشارع بفواتها. و علي هذا الاساس يصح للناس شرعا و عقلا، بل يجب في بعض الصور - علي ضوء مصالحهم العقلائية - أن يفككوا السلطات الثلاث و يوزعوها بنحو ينفك و يستقل بعضها عن بعض، كما يصح و يحق لهم ايضا أن يحددوا كل واحدة منها من حيث الزمان و الصلاحيات، كما أن لهم ايضا أن يشترطوا علي المنتخب لاي منها في عقد بيعتهم شروطا - لاتخالف الشرع - يرونها اصلح لهم و لبلادهم دينا و دنيا مثل أن يكون لهم حق الرقابة علي اعمال السلطات الثلاث و ان يعملوا هذا الحق في اشكال تناسب زمانهم و مكانهم كتشكيل الاحزاب والجرايد المستقلة و تأسيس اذاعات غير حكومية و ما شابهها. و لا يخفي أن نظرية تفكيك القوي و ارجاع كل امر الي الخبير فيه هي التي ربما تستفاد من كلام المحقق الاصبهاني - اعلي الله مقامه - في حاشيته علي المكاسب (ص 214) حيث قال : "الفقيه بما هو فقيه اهل النظر في مرحلة الاستنباط، دون الامور المتعلقة بتنظيم البلاد و حفظ الثغور و تدبير شئون الدفاع و الجهاد و امثال ذلك فلا معني لايكال هذه الامور الي الفقيه بما هو فقيه و انما فوض امرها الي الامام 7 لانه عندنا أعلم الناس بجميع السياسات والاحكام فلايقاس بغيره ممن ليس كذلك ." نعم اذا قام الشعب لتأسيس حكومة دينية كان للفقيه مضافا الي استنباط الاحكام و بيانها، نظارته في تطبيق القوانين المدونة مع الشرع المبين . (تفصيل كلام الاستاذ - دام ظله - مذكور في الكتاب المسمي ب- "ديدگاهها)". (اللجنة)
اسم الکتاب : مجمع الفوائد المؤلف : منتظري، حسينعلي الجزء : 1 صفحة : 279