اسم الکتاب : الاسلام دين الفطرة المؤلف : منتظري، حسينعلي الجزء : 1 صفحة : 47
يسر الدين
ان المشرع للدين هو الله عزوجل ، و قد جعل تشريعه لصالح الناس . والناس علي
مستويات متباينة من القدرات العقلية والمؤهلات والاستعدادات الفكرية . فبعضهم
ضعفاء من حيث الاستعداد و بعضهم الاخر أقوياء. و قد راعي الدين أحوالهم في
تشريعاته . والدين ينسجم مع الفطرة، و هذا يعني أنه لايمكن أن يكون عسيرا و معقدا و
منهكا و باعثا علي الاذي . فلو أن الدين فرض فرائض عسيرة علي المكلفين لكان مدعاة
لابتعاد الناس عنه، و فرارهم من طروحاته المعنوية . و هذا نقض للغرض الذي من أجله
جاء الدين، و لايتيح له تحقيق أهدافه .
ان الغاية من انسجام الدين مع الطبيعة و فطرة الناس، هي تربيتهم . و من الطبيعي أن
الشدة والقسر والاكراه في تطبيق فرائض الدين لايأتي بالنتيجة المنشودة، لان ذلك
يتعارض مع طبيعة الانسان . قال الله تعالي : (ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج ولكن
يريد ليطهركم ...)،[1] (... و يحل لهم الطيبات و يحرم عليهم الخبائث و يضع عنهم
اصرهم والاغلا ل التي كانت عليهم ...) .[2]
ان يسر التكاليف الدينية لايعني رفعها أو زوالها أو خلوها من المصاعب كليا.
فالتكاليف الدينية مقرونة بالمشقة، و لكن اذا كان هناك تعلق قلبي بها، و رغبة و اندفاع
ذاتي لادائها، فهي تبعث في النفس بهجة و لذة لايشعر معها بأية معاناة أو مشقة .
و علي الرغم من سهولة التكاليف الدينية و مبدأ التيسير علي العباد في الاعمال
الدينية، بيد أن هناك تكاليف ذات مشقة، أو أن بعض الناس لاتحدوه رغبة في أدائها. و
هذا الشعور بعدم الرغبة يؤدي بحد ذاته الي جعل التكليف أشق و أعسر. و قد وصف
الباري عزوجل شعور الانسان تجاه بعض التكاليف بالتململ والاستياء كما في قوله
تعالي : (كتب عليكم القتال و هو كره لكم و عسي أن تكرهوا شيئا و هو خير لكم و عسي
أن تحبوا شيئا و هو شر لكم ) .[3]
[1] سورة المائدة (5)، الاية 6 .
[2] سورة الاعراف (7)، الاية 157 .
[3] سورة البقرة (2)، الاية 216 .
اسم الکتاب : الاسلام دين الفطرة المؤلف : منتظري، حسينعلي الجزء : 1 صفحة : 47