اسم الکتاب : الاسلام دين الفطرة المؤلف : منتظري، حسينعلي الجزء : 1 صفحة : 26
يظهر منه عمل خاص . والفطرة - كالغريزة والطبع - عبارة عن ميل و نزوع ذاتي . أي أن
الموجود الفطري هو ما خلق بحيث يكون له توجه ذاتي نحو شئ معين بدون تعليم و
تجربة، مثل فهم الحسن والقبح . و مثل هذا التوجه والانجذاب الذاتي ليس أمرا ماديا و
خاضعا للمقاييس، و لايمكن حسابه و تقييمه بالحسابات المادية . و للامور الفطرية
خصائص و هي أنها: عمومية، ذاتية، ثابتة لاتتبدل، غير مادية .
ان النظر الدقيق في ميول الناس و سلوكهم يكشف بكل جلاء عن حقيقة، و هي أن
لبني الانسان توجهات و ميولا باطنية . فبنو الانسان علي العموم يبدون ميلا نحو الجمال،
والسلوك الاخلاقي ، و حب الحقيقة، و حب الاستطلاع والانبهار بالموجودات المتميزة،
والميل الي الكشف عن الاماكن والاشياء الجميلة، والاعتناء بالذات، و اظهارها بمظهر
حميد حسن، و انفاق أموال طائلة من أجل التوصل الي الحقيقة، والرغبة في اظهار سلوك
أخلاقي حميد منذ الايام الاولي لادراكهم العقلي . فلماذا كل هذه الميول ؟ والجواب : لان
الاخلاق الحميدة كالصدق والامانة جزء من الفطرة الاولي للانسان، أما الاخلاق السيئة
كالاحتيال والخداع والكذب فهي تتعارض مع الفطرة ; لانها دخيلة علي فطرة الانسان
السليمة .
الانسان بطبيعته يبجل الكائنات العظمي و ينحني اجلالا لها، بل قد يصل به الحال الي
عبادتها. و هذا ما يكشف عنه تاريخ البشرية بكل جلاء، و هناك شواهد دالة علي فطرية
هذا الميل في ذات الانسان، تتجلي في ظهور الاديان والممارسات العبادية الغريبة، و
تقديم القرابين لتلك الالهة التي يقع عليها اختياره، و تضرعه لها بهدف استعطافها و نيل
القرب منها، فضلا عن اتخاذ السحر كوسيلة للنفوذ الي قلوبها، اضافة الي ما يحتفظ به
الكهنة من أحراز و أوراد للتعامل مع تلك الالهة . و يكشف تاريخ الانسان أن حياته كانت
حافلة بالاسرار والالغاز. و كان الاعتقاد بوجود عالم غيبي غامض غير هذا العالم
المادي ، من الحقائق المشهودة في تاريخه . و ما عبادة الظواهر الطبيعية أو حتي عبادة
الاصنام الا تعبير عن هذا الميل الذاتي ، و ان كان من المحتمل - طبعا - وقوع انحراف عن
الارادة الاصلية عند ممارسة هذا الميل . و علي العموم فان الميل الي العبادة يعكس احد
معاني فطرية الدين .
اسم الکتاب : الاسلام دين الفطرة المؤلف : منتظري، حسينعلي الجزء : 1 صفحة : 26