اسم الکتاب : الاسلام دين الفطرة المؤلف : منتظري، حسينعلي الجزء : 1 صفحة : 253
الصبر
ان عوادي الدهر و ما يكتنفه من سراء وضراء، و كذلك مواجهة الذنوب، قد تبعد
الانسان أحيانا عن الطريق القويم، فتزل قدمه عن طريق الله من غير أن يشعر و يقع في
حبائل الشيطان . و انطلاقا من ذلك فقد وردت ارشادات و وصايا موكدة تحث علي الصبر
والثبات علي طريق الحق، و عدم الانجراف الي مهاوي النزوات . والصبر يعني سعة الصدر
والقدرة علي تحمل الشدائد والحوادث المريرة . و قد فسر الخواجة نصيرالدين الطوسي
الصبر بضبط النفس ولجمها عن الجزع في الملمات .[1]
الصبر ليس موقفا سلبيا واستسلاما مطلقا للحوادث، و هو لايعني الخمود والجمود
والانهيار أمام الشدائد، و انما هو عبارة عن جهد حثيث وسعي دؤوب لحل عقدة
مستعصية والعثور علي سبيل للتخلص من منعطف ضيق، و من مأزق عصيب، مع التحمل
و عدم الجزع، والصبر يصنع انسانا صلبا يخوض غمار الحياة بجلد و يعالج صعاب
الامور بأناة و تدبير. و من ثمار شجرة الصبر الحلم و كظم الغيظ.
ان الغاية من تهذيب النفس سحق الاهواء والتحرر من النزوات . و هذا بطبيعة الحال
يستلزم ضربا من المشقة و ترويض النفس، و لابد له من صبر وثبات . و لاشك في أن
الصبر يحصن النفس بوجه الاهواء، و يطبعها علي تحمل الشدائد. و للصبر درجات
تتناسب مع مراتب المصاعب . و قد يكون الصبر تارة في مواجهة المصائب والمعضلات،
و قد يكون تارة أخري صبرا علي الطاعة، و يكون تارة ثالثة صبرا عن المعصية و محاربة
هوي النفس .
جاء في حديث عن رسول الله 6 أنه قال : "الصبر ثلاثة : صبر عند المصيبة و صبر
علي الطاعة و صبر عن المعصية".[2]
و في ضوء الحديث الانف الذكر ندرك معني قول الامام الصادق (ع): "الصبر من
الايمان بمنزلة الرأس من الجسد".[3] فعندما يقطع الرأس يفني الجسد، و كذلك الصبر اذا
[1] الطوسي ، نصيرالدين، اوصاف الاشراف، ص 108، الفصل 5، الباب 3 .
[2] الكليني ، الكافي ، ج 2، ص 91، الحديث 15 .
[3] المصدر السابق، ص 87، الحديث 2 .
اسم الکتاب : الاسلام دين الفطرة المؤلف : منتظري، حسينعلي الجزء : 1 صفحة : 253