اسم الکتاب : الاسلام دين الفطرة المؤلف : منتظري، حسينعلي الجزء : 1 صفحة : 226
: (ان النفس لا مارة بالسوء الا ما رحم ربي ) .[1] و تسمي هذه النفس بالامارة ; و بها تربط الاهواء
والنزوات، و هذه النفس تسعي الي تحقيق رغائبها. و اذا خضعت أعضاء الانسان
وجوارحه الي هيمنة النفس الامارة، تستحوذ عليها و تسوقها الي تنفيذ كل ما تمليه
عليها، و تسوق الايدي والاعين والارجل الي ارتكاب المعاصي ، و تدفع اللسان الي
اقتراف قبائح كالغيبة والتهمة والشتم والاساءة . و هذه أسواء حالات النفس، و هي التي
تسوق الانسان الي الضياع و تجعل منه عبدا للشهوات والاهواء و وحشا كاسرا، بل قد
تؤدي نفس أمارة واحدة الي افساد خلق كثير. و اذا لم يقف الانسان ضد أهوائه النفسية و
ترك العنان للنفس الامارة فسيصبح أكثر خطورة من أي وحش كاسر.
النفس اللوامة
للنفس وظيفة أخري ذات جانب ايجابي ، و هو ما يسمي بالنفس اللوامة : (لا أقسم
بيوم القيامة و لا أقسم بالنفس اللوامة ) .[2] و كلمة اللوامة صيغة مبالغة - كما هو
الحال بالنسبة الي النفس الامارة - أي كثيرة اللوم . و هذه النفس اذا اضطلعت بدورها و
لم يتضأل تأثيرها بفعل الجوانب الاخري، فهي كفيلة بالارتقاء بالانسان الي مستوي
الكمال . و هي تلوم الانسان و تعنفه . كما يعبر عنها أحيانا باسم الضمير أو الوجدان .
و تأثير النفس اللوامة هي أن الانسان اذا اقترف قبيحا يلتفت الي خطئه و يتوجه
باللوم الي ذاته، و لكن يحتمل في الوقت ذاته أن تفقد هذه النفس تأثيرها علي مر الزمن،
و يتلاشي دورها بسبب تكرار الفعل القبيح .
خلق الله للانسان قدرات تحول بينه و بين الخروج عن حدود الانسانية . و لاشك في
أن اللوم الذي تبديه النفس يخلق لدي المرء حالة من التوبة والانابة التي تؤدي بدورها
الي تهيئة الظروف للامتناع عن تكرار الذنب . اذا فالنفس اللوامة تسوق الانسان نحو
الكمال ; و لهذا أقسم بها الله عزوجل شأنه .
[1] سورة يوسف (12)، الاية 53 .
[2] سورة القيامة (75)، الايتان 1 - 2 .
اسم الکتاب : الاسلام دين الفطرة المؤلف : منتظري، حسينعلي الجزء : 1 صفحة : 226