اسم الکتاب : الاسلام دين الفطرة المؤلف : منتظري، حسينعلي الجزء : 1 صفحة : 129
في ذاته نوازع متضادة . و مثل هذه الخصائص جعلت منه موجودا متميزا، و لكن هذا
جعل منه أيضا كيانا معرضا لكثير من المخاطر. حيث من المحتمل أن ينحرف عن المسار
الذي أراده الله له . فميوله النفعية تسوقه الي منحدر آخر و تجعل منه موجودا خطيرا:
(أتجعل فيها من يفسد فيها و يسفك الدماء) .[1]
مع أن الانسان طاهر و نقي بالفطرة، و مجبول علي الهداية تكوينا، بيد أنه بحاجة ماسة
الي هداية أخري . هناك غاية أرادها الله من خلق الانسان (أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا و
أنكم الينا لا ترجعون ) .[2]
الانسان لم يخلق ويترك علي هواه، ولو أنه كان قد خلق و ترك علي هواه، لكان ذلك
فعلا عبثا. و انما يحيط الخالق تعالي الانسان بالرعاية والاهتمام وجعل له أحسن ما
يمكن من القوام و قوي الادراك . و حتي أنه كما يقول ابن سينا: خص الانسان بتقعير
الاخمص من القدمين .[3] و هذا يعني أنه لايتركه سدي ، و لايمكن أن لايرسل له هاديا; اذ
ان هذه القضية في غاية الاهمية . فالباري عزوجل زود الانسان من حيث التكوين بأذنين
و عينين، و لسان ، و شفتين، و غيرها من الاعضاء الاخري الضرورية لممارسة حياته
المادية، و لادراك الاضرار والمفاسد الظاهرية و معرفة المصالح والمنافع الدنيوية . و أما
بالنسبة الي معرفة طريق السعادة والكمال فقد جعل له عقلا و أرسل له الانبياء (ألم نجعل
له عينين و لسانا و شفتين و هديناه النجدين ) .[4]
و قد ورد في رواية عن الامام الصادق (ع) أنه قال ردا علي سؤال زنديق سأله عن
الكيفية التي يمكن أن يثبت بها وجود الانبياء: "انا لما أثبتنا أن لنا خالقا صانعا متعاليا عنا
و عن جميع ما خلق، و كان ذلك الصانع حكيما متعاليا، لم يجز أن يشاهده خلقه و
لايلامسوه فيباشرهم و يباشروه، و يحاجهم و يحاجوه، ثبت أن له سفراء في خلقه، يعبرون
عنه الي خلقه و عباده، و يدلونهم علي مصالحهم و منافعهم و ما به بقاؤهم و في تركه
فناؤهم، فثبت الامرون والناهون عن الحكيم العليم في خلقه والمعبرون عنه جل وعز، و
[1] سورة البقرة (2)، الاية 30 .
[2] سورة المؤمنون (23)، الاية 115 .
[3] ابن سينا، الشفاء، ج 2، المقالة 10، ص 441 .
[4] سورة البلد (90)، الايات 8 - 10 .
اسم الکتاب : الاسلام دين الفطرة المؤلف : منتظري، حسينعلي الجزء : 1 صفحة : 129