اسم الکتاب : الاسلام دين الفطرة المؤلف : منتظري، حسينعلي الجزء : 1 صفحة : 119
و رغم أن الانسان يعيش كالموجودات الاخري في سياق القوانين الخاصة السارية
في هذا العالم و لايمكنه الخروج من سلطتها، و لكنه رغم ذلك تابع لتكوينه الذاتي . فقد
أودعت في الانسان قدرة علي اتخاذ القرار، والتراجع عنه، واختيار واحد من عدة
خيارات، و بعد الاختيار يمكنه اعادة النظر في ما وقع اختياره عليه .
و بعبارة أخري : جبل الانسان وفقا لعلم الله الازلي علي القدرة علي اتخاذ القرار،
و علي العزم والارادة مع اعادة النظر في ما عزم عليه . فالانسان لايستطيع التحرك خارج
دائرة نظام الوجود، بحيث يستطيع فعل كل ما يشاء من غير أن تحده قيود، و لا هو
مسلوب الارادة بحيث يمكن تسييره كما يسير الحجر.
و عمل الانسان معلول لارادته واختياره، رغم أن ارادته جزء من عالم الوجود، و كل
نظام رهين بارادة الله الازلية .
ان قضاء الله حتمي لاتبديل له، و لكن ليس من الواضح ما هو المصير الذي يؤول اليه
كل موجود. و رغم أن قضاء الله حتمي ، و لكن بما أن التقديرات خاضعة لمختلف علل
عالم الطبيعة، و هذه العلل غير معدودة بحيث يمكن القول : ان حادثة معينة ستقع بفعل
تأثير عامل أو عدة عوامل . فكل ظاهرة في الوجود، خاضعة لعللها و أسبابها، و قد تكون
لها أنواع من العلل والاسباب . و وقوع الحادثة الواحدة لايمكن عزوه الي سبب واحد أو
عدة أسباب . و قد تكون للحادثة عدة أنواع من العلل الناقصة غير المعروفة ; أي أن يكون
للمقادير المتفاوتة تأثيرها في تكوينها و ايجادها. فقضأ الله في وقوع الحادثة حتمي و
لكن تقديره ليس كذلك ; أي لابد من تظافر الاقدار لوقوع أمر ما، و عندما تتحقق كلها تقع
الحادثة، ويعرف حينذاك أن القضاء الالهي أراد لها الوقوع . و لعل هذا هو ما يفسر لنا ما
فعله أميرالمؤمنين (ع) حين قام من تحت الحائط المائل، حيث نقل أنه كان جالسا الي
جانب حائط مائل فنهض من هناك . فقيل له : أتفر من قضاء الله ؟ قال : أفر من قضاء الله الي
قدر الله عزوجل .[1] فسقوط الحائط كان قضاء محتما، و هو الذي جعله يفر منه .