اسم الکتاب : الاسلام دين الفطرة المؤلف : منتظري، حسينعلي الجزء : 1 صفحة : 117
والعقاب، والامر والنهي ، والزجر من الله، وسقط معني الوعد والوعيد، فلم تكن لائمة
للمذنب و لا محمدة للمحسن، و لكان المذنب أولي بالاحسان من المحسن، و لكان
المحسن أولي بالعقوبة من المذنب، تلك مقالة اخوان عبدة الاوثان وخصماء الرحمن و
حزب الشيطان و قدرية هذه الامة و مجوسها. ان الله تبارك و تعالي كلف تخييرا، و نهي
تحذيرا، و أعطي علي القليل كثيرا، و لم يعص مغلوبا و لم يطع مكرها، و لم يملك مفوضا و
لم يخلق السماوات والارض و ما بينهما باطلا، و لم يبعث النبيين مبشرين و منذرين عبثا،
ذلك ظن الذين كفروا.[1]
هل يمكن تغيير القدر؟
ان كان القدر الالهي حتميا و لابد من وقوع ما كان قد رسمه الله، فما فائدة الدعوة الي
أعمال الخير كالصدقة والدعاء، و ما تأثير ذلك في العالم ؟ و ان كان التقدير الالهي واقعا
لامحالة، فلا ينبغي أن يمد المرء يده بالدعاء؟ جاء في القرآن الكريم : (يمحوا الله ما
يشاء و يثبت و عنده أم الكتاب ) .[2] يستفاد من هذه الاية أن الله قد يغير مقدرات
العالم والناس، فقد جاء حول قوم النبي يونس (ع) ما يلي : (فلولا كانت قرية آمنت فنفعها
ايمانها الا قوم يونس لما آمنوا كشفنا عنهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا و متعناهم الي
حين ) .[3] و يفهم علي أساس هذه الاية أن قوم يونس (ع) كانوا قد حكم عليهم
بالعذاب، و لكنهم دفعوا العذاب الالهي عن أنفسهم بالتوبة . فمثل هذا التغيير الظاهري يفيد
أن ما فهم حسب الظاهر أنه قضاء لم يكن قضاء منذ البداية، و أن التغيير الذي حصل كان
مرسوما منذ البداية . و مثله في ذلك كمثل تحذيرات الاب لابنه أو المعلم للتلميذ من عدم
النجاح ! وسيكون مصيرك الفشل ! و هذه التحذيرات للابن و للتلميذ هدفها الحث علي
الدراسة و ليس الاخبار عن حتمية الفشل .
ان حتمية التقدير بشأن الانسان تتوقف علي ظروف وأمور أخري أيضا، منها
الاختيار المتاح له ; أي ان القضاء الحتمي يتقرر من قبل الله و من قبل صاحب الاختيار
[1] الكليني ، الكافي ، ج 1، ص 155، الحديث 1 .
[2] سورة الرعد (13)، الاية 39 .
[3] سورة يونس (10)، الاية 98 .
اسم الکتاب : الاسلام دين الفطرة المؤلف : منتظري، حسينعلي الجزء : 1 صفحة : 117