انقطاعا باتا و انفصالا نهائيا. و لكن رسول اللّه (ص) أدرك ما سيمتحن به المؤمنون بعده من عظيم الرزية بانقطاع الوحي من بينهم، و كان بالمؤمنين رءوفا رحيما، فأخبرهم بان حبلا واحدا سيبقى متصلا بينهم و بين السماء.
و هل حبل أولى بالتمسك من حبل السماء و قد انقطع الوحي، قال:
«اني تركت فيكم ما ان تمسكتم به لن تضلوا بعدي كتاب اللّه حبل ممدود من السماء الى الارض، و عترتي اهل بيتي، و لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض، فانظروا كيف تخلفوني فيهما» [1] .
*** و من حق البحث الذي بين ايدينا ان يستقرئ في هذه المناسبة موقف المجتمع من عترة النبي (ص) ، او موقف الجماعات التي كانت تدعي لنفسها حق التمثيل للمجتمع، لينظر فيما خلفوا رسول اللّه في عترته-استغفر اللّه- بل لينظر فيما يتصل من ذلك بموضوعنا من هذه المناسبة العابرة. و اذا كانت العترة عشيرة الرجل، فعلي أبرز رجالها بعد رسول اللّه، و اذا كانت ذريته، فالحسن كبير عترة النبي من بعده. و تجيز اللغة اطلاق العترة على الصنفين-العشيرة و الذرية-معا.
نعم انه قدّر لهذا المجتمع، ان ينقسم انقسامته التاريخية التي وقعت فور الفاجعة العظمى بوفاة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم، حين تأول قوم فانساحوا الى تأولاتهم، و تعبّد آخرون فثبتوا على الصريح من قول نبيهم، و للنبي تصريحات كثيرة في موضوع الترشيح للخلافة ليس هنا
[1] اخرجه الترمذي و هو الحديث 874 من احاديث كنز العمال (ص 44 ج 1) و على نسق هذا الحديث احاديث كثيرة اخرى روتها الصحاح و المسانيد، و جاء في بعضها «اني تارك فيكم خليفتين كتاب اللّه ممدود بين السماء و الارض او ما بين السماء و الارض و عترتي اهل بيتي و انهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض» - (الامام احمد و الطبراني في الكبير) .