يكفينا الآن، و نحن بصدد موضوع لا ندري على التحقيق، مدى تأثره بسوابقه و مقارناته، ان نرجع و لو قليلا-الى استعراض بعض الاوضاع الاجتماعية التي ثاب إليها المسلمون لاول مرة بعد عهد النبوة، بما كان للنبوة من اثر عميق في النفوس، و سلطان قوي على تكوين المجتمع، و يد صناع في بناء عناصر الحيوية في الاتباع.
يكفينا و نحن نستوحي الذكريات لوضع الصورة العابرة هنا، ان نأخذ من كل مناسبة صلتها بموضوعنا، أو نأخذ بالمناسبات ذات الصلة من دون غيرها، لنتعرف-على ضوء هذا الاسلوب-مدى تأثر موضوعنا بماضيه.
*** و كان الحدث الاكبر في تاريخ الاسلام هو وفاة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم، و انقطاع ذلك الاشعاع السماوي الذي كان يفيض على الدنيا كلها بالخير، فاذا الدنيا كلها مظلمة تستعد للشر. و انقطعت الارض بموت رسول اللّه (ص) عن السماء، اذ كان الوحي هو بريدها الى الارض و أداة صلتها بها. و هل للارض غنى عن السماء، و في السماء رزقها و منها خيرها و حياتها و حيويتها و نورها و دينها. و ما كان أشد من هذه الوحشة على الدنيا، و لا أفدح من هذه الخسارة على المسلمين، لو انه كان-و نعوذ باللّه-