responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : صلح الحسن المؤلف : الشيخ راضي آل ياسين    الجزء : 1  صفحة : 356

الحصيف في مزالق الفتن، و تمرسه البصير في الشدائد، و بصيرته النافذة و تجاربه الكثيرة الماضية، فجرى في حديثه معه عند «موهبته الخاصة» التي كان يفزع إليها في منازلة العظماء من أعدائه، فقال: «يا عدي أين الطرفات؟-يعني بنيه طريفا و طارفا و طرفة-» قال: «قتلوا يوم صفين بين يدي علي بن أبي طالب» . فقال: «ما أنصفك ابن أبي طالب، اذ قدم بنيك و أخّر بنيه» . قال: «بل ما أنصفت أنا عليا، اذ قتل و بقيت بعده» . فقال معاوية: «أما انه قد بقي قطرة من دم عثمان ما يمحوها الاّ دم شريف من أشراف اليمن!» . فقال عدي: «و اللّه ان قلوبنا التي ابغضناك بها لفي صدورنا، و ان أسيافنا التي قاتلناك بها لعلى عواتقنا، و لئن أدنيت لنا من الغدر فترا لندنين إليك من الشر شبرا!و ان حز الحلقوم، و حشرجة الحيزوم، لاهون علينا من أن نسمع المساءة في علي فسلم السيف يا معاوية لباعث السيف» .

فقال معاوية: «هذه كلمات حكم فاكتبوها» -هزيمة منكرة من معاوية-و أقبل على عدي يحادثه كأنه ما خاطبه بشي‌ء [1] .

«و لا خير في حلم اذا لم يكن له # بوادر تحمي صفوه ان يكدرا»

ثم قال له: «صف لي عليا» . فقال: «ان رأيت ان تعفيني» . قال:

«لا أعفيك» . قال:

«كان و اللّه بعيد المدى، شديد القوى، يقول عدلا، و يحكم فصلا، تتفجر الحكمة من جوانبه، و العلم من نواحيه. يستوحش من الدنيا و زهرتها، و يستأنس بالليل و وحشته. و كان و اللّه غزير الدمعة، طويل الفكرة، يحاسب نفسه اذا خلا، و يقلب كفيه على ما مضى. يعجبه من اللباس القصير، و من المعاش الخشن. و كان فينا كأحدنا يجيبنا اذا سألناه، و يدنينا اذا أتيناه. و نحن مع تقريبه لنا و قربه منا لا نكلمه لهيبته، و لا نرفع أعيننا إليه لعظمته. فان تبسم فعن اللؤلؤ المنظوم. يعظم أهل الدين،


[1] المسعودي هامش ابن الاثير (ج 6 ص 65) .

اسم الکتاب : صلح الحسن المؤلف : الشيخ راضي آل ياسين    الجزء : 1  صفحة : 356
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست