و لنتذكر هنا سوابق هذه الحفنة من أبناء بيوتات الكوفة في قضية الحسن بن علي عليهما السلام أيام خلافته، و هل كان الفارون من الزحف في مسكن، و المتألبون على الشر في المدائن، و المكاتبون معاوية على الغدر بالامام و تسليمه اياه الاّ هؤلاء؟. فمن هو اذا الذي خلع الطاعة و فارق الجماعة و نكث البيعة أحجر بن عدي أم هم؟ ثم لنتذكر مواقف هؤلاء أنفسهم في فاجعة الحسين عليه السلام بكربلاء، و كانوا يومئذ سيوف الجبابرة الامويين الذين تحملوا مسئوليات تلك الاحداث المؤلمة التي لا حد لفظاعتها في تاريخ العرب و الاسلام.
موقف الكوفة في حادثة حجر:
و كان باستطاعة حجر ان يشعل نار الثورة التي تقض مضجع معاوية في الكوفة، لو انه شاء المقاومة بالسلاح. و فهم معاوية ذلك حين راح يقول -بعد مقتل حجر-: «لو بقى حجر لاشفقت أن يعيدها حربا أخرى» ، و فهم زياد ذلك حين اتبع حجرا بريده و قال له: «اركض الى معاوية و قل له: ان كان لك في سلطانك حاجة فاكفني حجرا» .
و لكن الزعيم الشيعي الذي كان قد درس على الامام الحسن بن علي عليهما السلام تضحياته الغالية في سبيل حقن الدماء، منع قومه من الحرب صريحا.
و لكن جماعة من أصحابه اشتبكت بشرطة زياد و (بخاريته) عند أبواب كندة، و جماعة أخرى التحمت بهم عند باب داره-قرب جبانة كندة-و كان من ابطال هاتين الموقعتين عبد اللّه بن خليفة الطائي، و عمرو ابن الحمق الخزاعي-و سنأتي على ذكرهما في الفصول القريبة-، و عبد الرّحمن بن محرز الطمحي، و عائذ بن حملة التميمي، و قيس بن يزيد، و عبيدة بن عمرو، و قيس بن شمر، و عمير بن يزيد الكندي المعروف (بأبى العمرّطة) . قالوا: «و كان سيف أبى العمرطة أول سيف ضرب