اذا جهر بكلمته هذه، وافقه أكثر من ثلثى الناس، و قالوا: «صدق و اللّه حجر و بر» .
أما المغيرة بن شعبة فقد قدر المعنويات التي تعزز حجرا كصحابي فاضل، و كرأس من رجالات علي في الكوفة، و كامير عربي يرث تاج الكنديين من أقرباء الجدود، و سمع بأذنيه تأييد الناس دعوته غير آبهين بالقوة، و لا خائفين نقمة السلطان، فرأى أن يتمهل في أمره و أن يعتذر الى ذوي مشورته الذين كانوا يحرضونه على التنكيل به. ثم قال لهم:
«اني قد قتلته» . قالوا: «و كيف ذلك؟» قال: «انه سيأتي أمير بعدي فيحسبه مثلي فيصنع به شبيها بما ترونه، فيأخذه عند اول وهلة فيقتله شر قتلة» . و كان المغيرة في موقفه من حجر المنافق الحكيم، و كذلك كان فيما أجاب به صعصعة بن صوحان يوم فتنة المستورد بن علفة الخارجي سنة 43 قال له: «و اياك أن يبلغني عنك أنك تظهر شيئا من فضل علي علانية، فانك لست بذاكر من فضل علي شيئا أجهله، بل أنا أعلم بذلك!!. و لكن هذا السلطان-يعني معاوية-قد ظهر، و قد أخذنا باظهار عيبه للناس، فنحن ندع كثيرا مما أمرنا به، و نذكر الشيء الذي لا نجد من ذكره بدا، ندفع به هؤلاء القوم عن أنفسنا تقية [1] » .
و ولي ابن سمية الكوفة بعد هلاك المغيرة سنة 50 أو 51، فرأى أن يخدم أمويته «المزعومة» بقتل حجر بن عدي ليريحها من أكبر المشاغبين عليها. و لكنه جهل أن دم حجر سيظل يشاغب على تاريخ أمية ما عرف الناس هذين الاسمين.
و أطال الوالي الجديد خطبته يوم الجمعة حتى ضاق وقت الصلاة- و لصلاة الجمعة وقتها المحدود-فقال حجر-و كان لا يفارق جمعتهم و جماعتهم-: «الصلاة!» فمضى زياد في خطبته. فقال ثانيا: «الصلاة!» فمضى في خطبته. و خشي حجر فوت الفريضة فضرب بيده الى كف من