و بلغ من عبادته أنه ما أحدث الاّ توضأ و ما توضأ الاّ صلّى. و كان يصلي في اليوم و الليلة ألف ركعة، و كان ظاهر الزهد، مجاب الدعوة [1] ، ثقة من الثقات المصطفين، اختار الآخرة على الدنيا حتى سلم نفسه للقتل دون البراءة من امامه، و انه مقام تزل فيه الاقدام و تزيغ الاحلام.
كان في الجيش الذي فتح الشام، و في الجيش الذي فتح القادسية، و شهد الجمل مع علي، و كان أمير كندة يوم صفين، و أمير الميسرة يوم النهروان، و هو الشجاع المطرق الذي قهر الضحاك بن قيس في غربي تدمر. و هو القائل: «نحن بنو الحرب و أهلها، نلقحها و ننتجها، قد ضارستنا و ضارسناها» .
ثم كان أول من قتل صبرا في الاسلام.
قتله و ستة من أصحابه معاوية بن أبي سفيان سنة 51 في «مرج عذراء» بغوطة دمشق على بعد 12 ميلا منها. و قبره الى اليوم ظاهر مشهور، و عليه قبة محكمة تظهر عليها آثار القدم في جانب مسجد واسع، و معه في ضريحه أصحابه المقتولون معه و سنأتي على ذكرهم.
و هدم زياد ابن أبيه دار حجر في الكوفة.
السبب في قتله:
أنه كان يرد على المغيرة و زياد حين يشتمان عليا عليه السلام، و يقول:
«أنا أشهد أن من تذمون أحق بالفضل، و من تزكون أولى بالذم، و كان
[1] قال في الاصابة (ج 1 ص 329) : «أصابته جنابة-و هو أسير- فقال للموكل به أعطني شرابي أتطهر به، و لا تعطني غدا شيئا، فقال:
أخاف ان تموت عطشا فيقتلني معاوية. قال: فدعا اللّه فأنسكبت له سحابة بالماء، فأخذ منها الذي احتاج إليه فقال له أصحابه: ادع اللّه أن يخلصنا، فقال: اللهم خر لنا» .