أجمع المؤرخون-بما فيهم المتحزبون و المستقلون-على أن العهد لذي أعطاه معاوية للحسن في شروط الصلح، هو أن لا يعهد بالامر من بعده الى أحد، و معنى ذلك رجوع الامر من بعده الى صاحبه الشرعي، أعني الحسن بن علي فان لم يكن فللحسين أخيه، تمشيا مع مفهوم الشرط القائل بتسليم الامر محدودا بحياته، و مفهوم سلبه صلاحية العهد الى أحد من بعده.
و أجمع المؤرخون-بعد ذلك-على أن معاوية نقض هذا العهد علنا، و عهد من بعده الى ابنه يزيد (المعروف!!!) .
و لسنا الآن بصدد مناقشة معاوية على نقضه العهد بعد ميثاقه، و هو -على كل حال-جماع غلطاته التي أركسه «الصلح» فيها من حيث يدري أو لا يدري، و لكنا و قد مررنا على موقف معاوية من عهوده مرات و مرات، لا نريد ان نمر هنا على تعيينه يزيد ابنه لخلافة المسلمين دون أن نقول:
انه ارتكب بهذا العمل الجريء أكبر اثم في دينه، و أفظع جريمة في الصالح العام. و قد كان من أبرز النتائج، لاعمال معاوية الارتجالية الجريئة هذه، ان تنحرف قيادة الاسلام عن منهجها القويم، و ان تفقد الرعية قدوتها العملية، و ان تسود الاثرة، و يضطرب حبل الثقة بين الافراد و الجماعات، و أن ينعدم التجاوب و التفاعل الوجداني بين القادة و الاتباع. فتتوزع الميول و تتباين المقاصد، ثم لا يزال الامر يأخذ بهم سفالا، حتى يستعد الى الثورات الدامية و الانتفاضات الداخلية التي كان لا بد منها لتدارك الاخطاء و التنبه على الاخطار. دع عنك ما كان يقال عن يزيد هذا، و عن قابلياته الشخصية و الخلقية التي عجت بها التواريخ، من يومه الى يومنا، و التي