فان كل ما هنالك تحت قدميّ هاتين، و و اللّه ما عنى بذلك الاّ نقض ما بينك و بينه، فأعد الحرب خدعة و أذن لي أشخص الى الكوفة، فأخرج عاملها منها و أظهر فيها خلعه، و انبذ إليه على سواء، ان اللّه لا يهدي كيد الخائنين.
«ثم سكت ابن صرد، فتكلم كل من حضر مجلسه بمثل مقالته، و كلهم يقول: ابعث سليمان بن صرد و ابعثنا معه، ثم الحقنا، اذا علمت انا قد أشخصنا عامله، و أظهرنا خلعه [1] » .
و جاءه-أيضا-حجر بن عدي الكندي، و مركزه القويّ في العراق مركزه، كما ستعرف قريبا.
و جاءه المسيب بن نجية، فارس مضر الحمراء كلها، اذا عدّ من أشرافها عشرة كان هو أحدهم-على حد تعبير زفر بن الحارث الكلابي عنه-.
و جاءه آخرون من نظرائهم، و كلهم لم يحظ من الحسن الاّ بالرّد الجميل و الاستمهال الى موت معاوية، لانه صاحب عهده فيما تعاهدا عليه، و لانه كان قد درس من أحوال الكوفة في تجربته الاولى، ما أغناه عن تجارب أخرى.
و كان آخر جوابه إليهم قوله: «ليكن كل رجل منكم حلسا من أحلاس [2] بيته ما دام معاوية حيا، فان يهلك معاوية، و نحن و انتم احياء، سألنا اللّه العزيمة على رشدنا، و المعونة على أمرنا، و أن لا يكلنا الى انفسنا، فان اللّه مع الذين اتقوا و الذين هم محسنون [3] » .