و يكفينا الآن من تصريحات معاوية بعد الصلح، فيما يمتّ الى معاهدته مع الحسن عليه السلام قوله فيما يرويه عنه كثير منهم ابن كثير [1] :
«رضينا بها ملكا» ، و قوله في التمهيد لهذه المعاهدة-قبل الصلح-فيما كان يراسل به الحسن: «و لك أن لا يستولى عليك بالاساءة و لا تقضى دونك الامور و لا تعصى في أمر [2] » .
و يكفينا من تصريحات الحسن (ع) ما قاله أكثر من مرة في سبيل افهام شيعته حيثيات صلحه مع معاوية: «ما تدرون ما فعلت و اللّه للذي فعلت خير لشيعتي مما طلعت عليه الشمس» . و ما قاله مرة أخرى لبشير الهمداني و هو احد رؤساء شيعته في الكوفة: «ما أردت بمصالحتي الاّ ان أدفع عنكم القتل [3] » ، و ما قاله في خطابه-بعد الصلح-: «أيها الناس ان اللّه هداكم بأوّلنا، و حقن دماءكم بآخرنا، و قد سالمت معاوية، و ان أدري لعله فتنة و متاع الى حين [4] » .
و ليس في شيء من هذه التصريحات و لا في الكثير مما جرى على نسقها، سواء من معاوية أو من الحسن عليه السلام، ما يستدعينا الى الالتواء في فهم العقد القائم بينهما، الذي لم يقصد منه الاّ الاهداف التي أشرنا إليها آنفا. فلمعاوية طموحه الى الملك، و للحسن خطته في حماية الشيعة من القتل، و صيانة المبادئ الدينية التي هي خير مما طلعت عليه الشمس، و المسالمة الى حين.
و لا بدع-بعد هذا-في تقرير هذه الحقيقة على واقعها، و في التنبيه الى جنف كثير من المؤرخين فيما حرّفوا من أهداف كل من المتعاقدين، و فيما أساءوا فهمه من نصوصهما. و لقد ترى، ان المعاهدة نفسها