و هي بمعناها الذي يصنع الحياة، تضحية النفس لاحياء معروف او اماتة منكر.
و ليس منها التضحية لغاية ليست من سبل اللّه، و لا التضحية في ميدان ليس من ميادين الامر بالمعروف و النهي عن المنكر.
فلو قتل كافر مسلما في ساحة جهاد، كان المسلم شهيدا.
و لو قتل باغ مسلما في ميدان دفاع كان المسلم شهيدا.
اما لو قتل مسلم مسلما في نزاع شخصي، أو قتله انتصارا لمبدإ ديني صحيح، فلا شهادة و لا مجادة، ذلك لان الكرامة التي تواضع عليها تاريخ الانسانية للشهيد، هي أجرة تضحيته بروحه في سبيل المصلحة العامة فلا الحوادث الشخصية، و لا التضحيات التي تناقض المصلحة في خط مستقيم، مما يدخل في معنى الشهادة.
و قتلة اخرى، أضيع دما، و أبعد عن «الشهادة» معنى و اسما، هي ميتة رئيس يثور به أتباعه و ذوو الحق في أمره، فيلقونه ارضا. و المجموع في كل مجتمع هو مصدر السلطات لكل من يتولى شيئا من أموره باسمه، و كانت هذه هي القاعدة التي بنيت عليها السلطات الجماعية في الاسلام، و على هذه القاعدة قال المسلم الاول لعمر بن الخطاب: «لو وجدنا فيك اعوجاجا لقوّمناه بسيوفنا» .
و انما كانت هذه القتلة أضيع دما، و أبعد عن الشهادة اسما، لان الايدي الصديقة التي اجتمعت على اراقة هذا الدم، كانت في ثورتها لحقها، و تضافرها الناطق ببلاغة حجتها، أولى عند الناس بالعذر.. «و لان الامة التي ولّته هي التي تقيم عليه الحدود» -على حد تعبير القفال الشافعي-.
فعثمان-مثلا-الذي كان ثالث ثلاثة من أكبر الشخصيات التاريخية، التي هزّت الارض بسلطانها المرهوب، مات مقتولا بسلاح الثائرين من ذوي الحق في أمره. فلم يستطع التاريخ، و لم يوفق اصدقاؤه في التاريخ،