responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : صلح الحسن المؤلف : الشيخ راضي آل ياسين    الجزء : 1  صفحة : 207

و قديما كان الحرص على العرش أعنف اثرا في نفوس القائمين عليه، من الحرص على النفس بله المبدأ، فترى العدد الكثير ممن فدى عرشه بنفسه، و لا ترى الاّ عددا ضئيلا جدا ممن فدى نفسه بعرشه.

و في التاريخ صور بشعة كثيرة من قرابين العروش التي كان يفتدي الملوك عروشهم بها اولا، و بأنفسهم أخيرا[اذا لم يكن به من الفداء بالنفس‌].

و على مثل هذه النسبة من كثرة التضحية بالنفس في سبيل التاج و ندرة التضحية بالتاج في سبيل النفس، كان الفرق بين قيمتها المعنوية فيما يتواضع عليه الناس من القيم المعنوية للاشياء.

و ذلك هو سر ما تستأثر به الحادثة النادرة، من حوادث السخاء بالعرش من اهتمام الناس، و لغط الاندية، و قالة الجماهير. و هو سر ما تستثير من نهم المتطفلين الى الاشتباك بألوان النقاش و مختلف التحاليل و التعاليل. و لا يروى التاريخ حادثة سلطان يتنازل عن عرشه، ثم لا يختلف عليه الناس، فمن مصوّب و مخطئ، و عاذر و عاذل، [فقوم له و آخرون عليه‌].

الاّ الحسن بن علي عليهما السلام.

فقد خرج عن سلطان ملكه، و ضحّى بامكانياته الدنيوية كلها، في سبيل مبدئه، فما شك انسان قط في نيته و اخلاصه و استهدافه المصلحة، و سموّ تضحيته في اللّه. و سمي عامه «عام الجماعة» اشعارا بالاجماع على موافقته و الاخذ برأيه-عمليا-.

و تلك هي آية عظمته في التاريخ.

و آية مقامه المكين من قلوب المسلمين.

و آية سلطانه الروحي الذي لا يضيره نزع الصولجان.

و شكا بعضهم عزوفه-بهذه التضحية-عن معركة السلاح و كان من هؤلاء أفراد من كبار شيعته، و لكن أحدا ممن شكا ذلك بدوافعه الزمنية،

اسم الکتاب : صلح الحسن المؤلف : الشيخ راضي آل ياسين    الجزء : 1  صفحة : 207
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست