مَحْزُونَةً مَكْرُوبَةً تَتَذَكَّرُ انْقِطَاعَ الْوَحْيِ عَنْ بَيْتِهَا مَرَّةً وَ تَتَذَكَّرُ فِرَاقِي أُخْرَى وَ تَسْتَوْحِشُ إِذَا جَنَّهَا اللَّيْلُ لِفَقْدِ صَوْتِيَ الَّذِي كَانَتْ تَسْتَمِعُ إِلَيَّ إِذَا تَهَجَّدْتُ بِالْقُرْآنِ ثُمَّ تَرَى نَفْسَهَا ذَلِيلَةً بَعْدَ أَنْ كَانَتْ فِي أَيَّامِ أَبِيهَا عَزِيزَةً فَعِنْدَ ذَلِكَ يُؤْنِسُهَا اللَّهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ بِالْمَلَائِكَةِ فَنَادَتْهَا بِمَا نَادَتْ بِهِ مَرْيَمَ بِنْتَ عِمْرَانَ فَتَقُولُ يَا فَاطِمَةُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفاكِ وَ طَهَّرَكِ وَ اصْطَفاكِ عَلى نِساءِ الْعالَمِينَ يَا فَاطِمَةُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَ اسْجُدِي وَ ارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ ثُمَّ يَبْتَدِئُ بِهَا الْوَجَعُ فَتَمْرَضُ فَيَبْعَثُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَيْهَا مَرْيَمَ بِنْتَ عِمْرَانَ تُمَرِّضُهَا وَ تُؤْنِسُهَا فِي عِلَّتِهَا فَتَقُولُ عِنْدَ ذَلِكَ يَا رَبِّ إِنِّي سَئِمْتُ الْحَيَاةَ وَ تَبَرَّمْتُ بِأَهْلِ الدُّنْيَا فَأَلْحِقْنِي بِأَبِي فَيُلْحِقُهَا اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بِي فَتَكُونُ أَوَّلَ مَنْ تُلْحِقُنِي مِنْ أَهْلِ بَيْتِي فَتَقْدَمُ عَلَيَّ مَحْزُونَةً مَكْرُوبَةً مَغْمُومَةً مَغْصُوبَةً مَقْتُولَةً فَأَقُولُ عِنْدَ ذَلِكَ اللَّهُمَّ الْعَنْ مَنْ ظَلَمَهَا وَ عَاقِبْ مَنْ غَصَبَهَا وَ أَذِلَّ مَنْ أَذَلَّهَا وَ خَلِّدْ فِي نَارِكَ مَنْ ضَرَبَ جَنْبَيْهَا حَتَّى أَلْقَتْ وَلَدَهَا فَتَقُولُ الْمَلَائِكَةُ عِنْدَ ذَلِكَ آمِينَ وَ أَمَّا الْحَسَنُ فَإِنَّهُ ابْنِي وَ وَلَدِي وَ مِنِّي وَ قُرَّةُ عَيْنِي وَ ضِيَاءُ قَلْبِي وَ ثَمَرَةُ فُؤَادِي وَ هُوَ سَيِّدُ شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَ حُجَّةُ اللَّهِ عَلَى الْأُمَّةِ أَمْرُهُ أَمْرِي وَ قَوْلُهُ قَوْلِي مَنْ تَبِعَهُ فَهُوَ مِنِّي وَ مَنْ عَصَاهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَ إِنِّي لَمَّا نَظَرْتُ إِلَيْهِ تَذَكَّرْتُ مَا يَجْرِي عَلَيْهِ مِنَ الذُّلِّ بَعْدِي فَلَا يَزَالُ الْأَمْرُ بِهِ حَتَّى يُقْتَلَ بِالسَّمِّ ظُلْماً وَ عُدْوَاناً فَعِنْدَ ذَلِكَ تَبْكِي الْمَلَائِكَةُ وَ السَّبْعُ الشِّدَادُ لِمَوْتِهِ وَ يَبْكِيهِ كُلُّ شَيْءٍ حَتَّى الطَّيْرُ فِي جَوِّ السَّمَاءِ وَ الْحِيتَانُ فِي جَوْفِ الْمَاءِ فَمَنْ بَكَاهُ لَمْ يَعْمَ عَيْنُهُ يَوْمَ تَعْمَى الْعُيُونُ وَ مَنْ حَزَنَ عَلَيْهِ لَمْ يَحْزَنْ قَلْبُهُ يَوْمَ تَحْزَنُ الْقُلُوبُ وَ مَنْ زَارَهُ فِي بَقِيعِهِ ثَبَتَتْ قَدَمُهُ عَلَى الصِّرَاطِ يَوْمَ تَزِلُّ فِيهِ الْأَقْدَامُ وَ أَمَّا الْحُسَيْنُ فَهُوَ مِنِّي وَ هُوَ ابْنِي وَ وَلَدِي وَ خَيْرُ الْخَلْقِ بَعْدَ أَبِيهِ وَ أَخِيهِ وَ هُوَ إِمَامُ الْمُسْلِمِينَ وَ مَوْلَى الْمُؤْمِنِينَ وَ خَلِيفَةُ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَ غِيَاثُ الْمُسْتَغِيثِينَ وَ كَهْفُ الْمُسْتَجِيرِينَ حُجَّةُ اللَّهِ عَلَى خَلْقِهِ أَجْمَعِينَ وَ هَذَا سَيِّدُ شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَ بَابُ نَجَاةِ الْأُمَّةِ أَمْرُهُ أَمْرِي وَ طَاعَتُهُ طَاعَتِي مَنْ تَبِعَهُ فَإِنَّهُ مِنِّي وَ مَنْ عَصَاهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَ إِنِّي لَمَّا رَأَيْتُهُ تَذَكَّرْتُ مَا يُصْنَعُ بِهِ كَأَنِّي بِهِ قَدِ اسْتَجَارَ بِحَرَمِي وَ قَبْرِي فَلَا يُجَارُ فَأَضُمُّهُ فِي مَنَامِي إِلَى صَدْرِي وَ آمُرُهُ بِالرَّحْلَةِ عَنْ دَارِ هِجْرَتِي وَ أُبَشِّرُهُ بِالشَّهَادَةِ فَيَرْتَحِلُ عَنْهَا إِلَى أَرْضِ مَقْتَلِهِ وَ مَوْضِعِ مَصْرَعِهِ أَرْضِ كَرْبٍ وَ بَلَاءٍ وَ قِيلَ وَ فَنَاءٍ يَنْصُرُهُ عِصَابَةٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ