المنايا و البلايا [1] و كان يخبر الرجل بما يجري عليه فسماه أمير المؤمنين 7 راشدا [2] .
و هذا الحال يفيد المتأمل بصيرة بأنّ كل من اتجهت مشاعره نحو المولى سبحانه و تجلت له المظاهر الربوبية و شاهد ما أعد له من النعيم الخالد في سبيل دعوة الدين هان عليه ألم الجراح و يؤكد ما قلنا من ذهول العاشق عندما يشاهد محبوبه عن كل ما يرد عليه من الأذى غفلة النسوة عن ألم قطع المدية أيديهنّ لمحض مشاهدة جمال الصديق يوسف 7 كما حكاه جل شأنه: فَلَمََّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَ قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَ قُلْنَ حََاشَ لِلََّهِ مََا هََذََا بَشَراً إِنْ هََذََا إِلاََّ مَلَكٌ كَرِيمٌ (31) .
و إذا لم تشعر النسوة [3] بمضض الجراح فليس من الغريب ألا يجد أصحاب الحسين 7 و هم زبدة العالم كله ألم مس الحديد عند نهاية عشقهم لمظاهر الجمال الإلهي و نزوع أنفسهم إلى الغاية القصوى من القداسة بعد التكهرب بولاء سيد الشهداء 7:
بأبي أفدي وجوها منهم # صافحوا في كربلا فيها الصفاحا
أوجها يشرقن بشرا كلما # كلح العام و يقطرن سماحا
تتجلّى تحت ظلماء الوغى # كالمصابيح التماعا و التماحا
أرخصوا دون ابن بنت المصطفى # أنفسا تاقت إلى اللّه رواحا
فقضوا صبرا و من أعطافهم # أرج العز بثوب الدهر فاحا
لم تذق ماء سوى منبعث # من دم القلب به غصت جراحا
أنهلت من دمها لو أنه # كان من ظامي الحشا يطفي التياحا
أعريت فهي على أن ترتدي # بنسيج الترب تمتاح الرياحا [4]
[1] بصائر الدرجات للصفار ج 6 ص 73 باب أن الأئمة يعرفون حال شيعتهم و عنه في البحار ج 11 ص 246 في أحوال موسى بن جعفر طبع كمبني.
[2] أمالي ابن الشيخ الطوسي ص 104 مجلس 6 طبع الحجر أول.
[3] في ديوان الصبابة على هامش تزيين الأسواق ص 39 بلغ عدد اللائي قطعن أيديهن أربعين امرأة منهن تسع شوقا و وجدا.
[4] من قصيدة في الحسين 7 للسيد عبد المطلب الحلي ذكرت بتمامها في شعراء الحلة ج 3 ص 214.