من آل محمد يعلمون ما كان و يكون و عندهم علم المنايا و البلايا كيف خفي عليه ضوء الكثير من الأحاديث المصرحة بأن ما صدر منهم من كلام أو سكوت و قيام أو قعود إنما هو أمر موجه إليهم خاصة من اللّه سبحانه على لسان رسوله الأمين على الوحي الإلهي و لم يعزب عنهم صغير و لا كبير و لم يجهلوا شيئا من ذلك حتى ساعة الموت، و مما يشهد لذلك قول الإمام أبي جعفر الباقر 7:
إني لأعجب من قوم يتولونا و يجعلونا أئمة و يصفون أن طاعتنا مفترضة كطاعة رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم ثم يكسرون حجتهم و يخصون أنفسهم لضعف قلوبهم فينقصونا حقنا و يعيبون ذلك على من اعطاه اللّه برهان حق معرفتنا و التسليم لأمرنا أترون اللّه تعالى افترض طاعة أوليائه على عباده ثم يخفي عليهم أخبار السماء و يقطع عنهم مواد العلم فيما يرد عليهم مما فيه قوام دينهم.
فقال له حمران يا ابن رسول اللّه أرأيت ما كان من قيام أمير المؤمنين و الحسن و الحسين و خروجهم و قيامهم و ما اصيبوا به من قبل الطواغيت و الظفر بهم حتى قتلوا و غلبوا؟
فقال له أبو جعفر 7: يا حمران إن اللّه تبارك و تعالى قدّر ذلك عليهم و قضاه و أمضاه و حتمه على سبيل الاختيار ثم أجراه عليهم فبتقدم علم إليهم من رسول اللّه قام علي و الحسن و الحسين و بعلم منه صمت من صمت منا و لو أرادوا أن يدفع اللّه تعالى عنهم و ألحوا عليه في إزالة ملك الطواغيت لكان ذلك أسرع من سلك منظوم انقطع فتبدد و ما أصابهم ليس لذنب اقترفوه و لا لمعصية خالفوا اللّه فيها و لكن لمنازل و كرامة من اللّه أراد أن يبلغهم اياها فلا تذهبن بك المذاهب يا حمران [1] .
و من اشعاعات هذا الحديث الشريف تظهر أسرار غامضة و حكم إلهية اختص اللّه بها أولياءه خزان وحيه و بها ميزهم عن سائر البشر و هي:
أ-علمهم بكل شيء و عدم انقطاع أخبار السماء عنهم و عمومه شامل للموضوعات بأسرها.
[1] الكافي على هامش مرآة العقول ج 1 ص 190 باب أنهم يعلمون ما كان و بصائر الدرجات للصفار ص 33 و الخرائج للراوندي ص 143 هند.