و خرج من بعده الحر بن يزيد الرياحي و معه زهير بن القين يحمي ظهره فكان إذا شد أحدهما و استلحم شد الآخر و استنقذه ففعلا ساعة [1] و إن فرس الحر لمضروب على أذنيه و حاجبيه و الدماء تسيل منه و هو يتمثل بقول عنترة:
ما زلت أرميهم بثغرة نحره # و لبانه حتى تسربل بالدم
فقال الحصين ليزيد بن سفيان: هذا الحر الذي كنت تتمنى قتله قال: نعم، و خرج إليه يطلب المبارزة فما أسرع أن قتله الحر ثم رمى أيوب بن مشرح الخيواني فرس الحر بسهم فعقره و شب به الفرس فوثب عنه كأنه ليث [2] و بيده السيف و جعل يقاتل راجلا حتى قتل نيفا و أربعين [3] ثم شدت عليه الرجالة فصرعته و حمله أصحاب الحسين 7 و وضعوه أمام الفسطاط الذي قاتلون دونه و هكذا يؤتى بكل قتيل إلى هذا الفسطاط و الحسين يقول: قتلة مثل قتلة النبيين و آل النبيين [4] ثم التفت إلى الحر و كان به رمق فقال له و هو يمسح الدم عنه: أنت الحر كما سمتك أمك و أنت الحر في الدنيا و الآخرة و رثاه رجل من أصحاب الحسين و قيل علي بن الحسين [5] و قيل إنها من إنشاء الحسين خاصة [6] :
لنعم الحر حر بني رياح # صبور عند مشتبك الرماح
و نعم الحر إذ فادى حسينا # و جاد بنفسه عند الصباح
[4] هذا في تظلم الزهراء ص 118 و البحار ج 10 ص 117 و ج 13 ص 135 عن الغيبة للنعماني ص 113 طبع الحجر باب ما يلحق الشيعة من التمحيص و في تاريخ الطبري ج 6 ص 256 و ابن الأثير ج 4 ص 30 و ارشاد المفيد أنه وضع فسطاطا في الميدان و لم يذكروا كلمة الحسين المعربة عن قداسة الموقف.