و مخلون بينه و بين عمله ثم هو البرزخ إلى يوم القيامة فمن كان منكم يريد أن يشهد فليحضر.
ثم صلى عليه الضحاك و دفنه بمقابر باب الصغير و أرسل البريد إلى يزيد يعزيه بأبيه و الاسراع في القدوم ليأخذ بيعة مجددة من الناس [1] و كتب في أسفل الكتاب [2] :
مضى ابن أبي سفيان فردا لشأنه # و خلفت فانظر بعده كيف تصنع
أقمنا على المنهاج و اركب محجة # سدادا فأنت المرتجى حين نفزع
جاء البريد بقرطاس يخب به # فأوجس القلب من قرطاسه فزعا
قلنا لك الويل ماذا في صحيفتكم # قال الخليفة أمسى مثقلا وجعا
مادت بنا الأرض أو كادت تميد بنا # كأن ما عز من أركانها انقلعا
من لم تزل نفسه توفي على وجل # توشك مقادير تلك النفس أن تقعا
لما وردت و باب القصر منطبق # لصوت رملة هد القلب فانصدعا
و سار إلى دمشق فوصلها بعد ثلاثة أيام من دفن معاوية [4] و خرج الضحاك في جماعة لاستقباله فلما وافاهم يزيد جاء به الضحاك أولا إلى قبر أبيه فصلى عند القبر ثم دخل البلد ورقي المنبر و قال:
«أيها الناس كان معاوية عبدا من عبيد اللّه أنعم اللّه عليه ثم قبضه إليه و هو خير من بعده و دون من قبله و لا أزكيه على اللّه عز و جل فإنه أعلم به إن عفا عنه فبرحمته و إن عاقبه فبذنبه و قد وليت الأمر من بعده و لست آسى على طلب و لا اعتذر من تفريط و إذا أراد اللّه شيئا كان، و لقد كان معاوية يغزو بكم في البحر و إني لست حاملا أحدا من المسلمين في البحر و كان يشتيكم بأرض الروم و لست مشتيا
[4] مقتل الخوارزمي ج 1 ص 178 و في الاستيعاب على هامش الإصابة بترجمة معاوية عن الشافعي أن معاوية لما ثقل كتب إلى يزيد و كان غائبا يخبره بحاله فأنشأ يزيد يقول و ذكر أربع أبيات الأول و الثالث و اثنان لم يذكرا هنا.