فكشف الوزير عن الفخذ الذي كان فيه الألم و هي مثل أختها ليس فيها أثر أصلا، و صاح أحد الحكماء: هذا عمل المسيح.
فقال الوزير: حيث لم يكن عملكم، فنحن نعرف من عملها.
ثم أنه احضر عند الخليفة المستنصر ;، فسأله عن القصة، فعرّفه بها كما جرى؛ فتقدم له بألف دينار، فلما حضرت قال: خذ هذه فأنفقها.
فقال: ما أجسر آخذ منه حبة واحدة.
فقال الخليفة: ممن تخاف؟
فقال: من الذي فعل معي هذا؛ قال: لا تأخذ من أبي جعفر شيئا.
فبكي الخليفة و تكدّر، و خرج من عنده و لم يأخذ شيئا.
قال أفقر عباد اللّه تعالى إلى رحمته عليّ بن عيسى عفا اللّه عنه: كنت في بعض الأيام أحكي هذه القصة لجماعة عندي؛ و كان هذا شمس الدين محمّد ولده عندي، و أنا لا أعرفه، فلما انقضت الحكاية قال: أنا ولده لصلبه.
فعجبت من هذا الاتفاق، و قلت: هل رأيت فخذه و هي مريضة؟
فقال: لا، لأني أصبوا عن ذلك، و لكنّي رأيتها بعد ما صلحت و لا أثر فيها، و قد نبت في موضعها شعر.
و سألت السيد صفي الدين محمّد بن محمّد بن بشر العلوي الموسوي، و نجم الدين حيدر بن الأيسر رحمهما اللّه، و كانا من أعيان الناس و سراتهم و ذوي الهيآت منهم، و كانا صديقين لي و عزيزين عندي؛ فأخبراني بصحة هذه القصة، و إنهما رأياها في حال مرضها و حال صحتها.
و حكى لي ولده هذا أنه كان بعد ذلك شديد الحزن لفراقه 7، حتّى أنه جاء إلى بغداد، و أقام بها في فصل الشتاء، و كان كل يوم يزور سامراء، و يعود إلى بغداد، فزارها في تلك السنة أربعين مرّة طمعا أن يعود له الوقت الذي مضى و يقضي له الحظ بما قضى، و من الذي أعطاه دهره الرضا، أو