لأنه يمضي في أثناء الكتب قصّة أخذه و أنه ينصبه في مكانه الحجة في الزمان، كما في زمان الحجاج وضعه زين العابدين 7 في مكانه فاستقر.
فاعتللت علّة صعبة خفت منها على نفسي، و لم يتهيأ لي ما قصدت له، فاستنبت المعروف بابن هشام، و أعطيته رقعة مختومة، أسأل فيها عن مدّة عمري، و هل تكون المنيّة في هذه العلّة، أم لا؟
و قلت: همّي إيصال هذه الرقعة إلى واضع الحجر في مكانه، و أخذ جوابه، و إنما أندبك لهذا.
قال: فقال المعروف بابن هشام: لمّا حصلت بمكة و عزم على إعادة الحجر بذلت لسدنة البيت جملة تمكّنت معها من الكون بحيث أرى واضع الحجر في مكانه، و أقمت معي منهم من يمنع عنّي ازدحام الناس، فكلّما عمد إنسان لوضعه اضطرب و لم يستقم، فأقبل غلام اسمر اللون، حسن الوجه، فتناوله و وضعه في مكانه، فاستقام كأنه لم يزل عنه.
و علت لذلك الأصوات، و انصرف خارجا من الباب؛ فنهضت من مكاني أتبعه، و أدفع الناس عنّي يمينا و شمالا، حتى ظنّ بي الاختلاط في العقل، و الناس يفرجون لي، و عيني لا تفارقه، حتّى انقطع عن الناس، فكنت أسرع السير خلفه، و هو يمشي على تؤده و لا ادركه.
فلما حصل بحيث لا أحد يراه غيري، وقف و التفت إليّ، فقال: هات ما معك.
فناولته الرقعة؛ فقال من غير أن ينظر فيها:
قل له: لا خوف عليك في هذه العلة، و يكون ما لا بدّ منه بعد ثلاثين سنة.
قال: فوقع علي الزمع حتّى لم أطق حراكا، و تركني و انصرف.
قال أبو القاسم: فأعلمني بهذه الجملة.
فلمّا كان سنة تسع و ستين اعتل أبو القاسم، فأخذ ينظر في أمره،