و اقسم لكم يا أهل البصرة، ما الذي ابتدئتكم به من التوبيخ، إلا تذكير و موعظة لما بعد لكيلا تسرعوا الى الوثوب في مثل الذي و ثبتم، و قد قال الله لنبيّه صلوات الله عليه و آله وَ ذَكِّرْ فَإِنَّ اَلذِّكْرىََ تَنْفَعُ اَلْمُؤْمِنِينَ[2] و لا الّذي ذكرت فيكم من المدح و التطرية بعد التذكير، و الموعظة رهبة منّي لكم و لا رغبة في شيء ممّا قبلكم، فإنّي لا أريد المقام بين أظهركم إنشاء الله لأمور تحضرني قد يلزمني المقام بها فيما بيني و بين الله لا عذر لي في تركها و لا علم لكم بشيء منها حتّى يقع ممّا أريد أن أخوضها مقبلا و مدبرا فمن أراد أن يأخذ بنصيبه منها فليفعل، فلعمري أنه للجهاد الصّافي صفاه الله لنا[في]كتاب الله.
و لا الذي اردت به من ذكر بلادكم موجدة منّي عليكم، لما شافقتموني غير أنّ رسول الله 6 قال لي يوما و ليس معه غيري...
إنّ جبرئيل الروح الأمين حملني على منكبه الأيمن، حتى اراني الأرض و من عليها، و أعطاني أقاليدها، و علّمني ما فيها، و ما قد كان على ظهرها، و ما يكون إلى يوم القيامة، و لم يكبر ذلك عليّ كما لم يكبر على أبي أدم، علّمه الأسماء كلّها و لم تعلمها الملائكة المقرّبون.
و إنّي رأيت بقعة على شاطىء البحر تسمّى البصرة، فإذا هي أبعد الأرض من السماء، و اقربها و إنها لأسرع الأرض خرابا و اخشنها ترابا و أشدّها عذابا و لقد خسف بها في القرون الخالية مرارا، و ليأتينّ عليها زمان.