اسم الکتاب : موارد السجن في النصوص والفتاوى المؤلف : الشيخ نجم الدين الطبسي الجزء : 1 صفحة : 211
و بهذا اخذ ابو حنيفة، فقال: القاضي يكتفي في شهادة الزور بالتشهير و لا يعزره، و قال ابو يوسف و محمد: يعاقبه بالتعزير و الحبس على قدر ما يرى حتى يظهر توبته، و لا يبلغ بالتعزير خمسة و سبعين سوطا، فاما الكلام في التعزير في حق شاهد الزور، فهما استدلا بحديث عمر حيث قال في شاهد الزور: يضرب اربعين سوطا و يسخّم وجهه و يطاف به إلّا أنّ الدليل قد قام على انتساخ حكم التسخيم للوجه، فانّ ذلك مثلة، و نهى رسول اللّه 6 عن المثلة و لو بالكلب العقور.
و ما نقل عن عمر، محمول على معنى السياسة اذا علم الامام انه لا ينزجر إلّا به ألا ترى أنّه ذكر تسخيم الوجه، و ذلك بالاتفاق بطريق السياسة اذا علم المصلحة فيه فكذلك التعزير» [1].
أقول: لو ثبت أنّ التسخيم مثلة، و قد نهى النبي 6 عنها، فليس لأحد ارتكابها بحجة السياسة، و دفع المنكر بالمنكر بل خليفة الرسول أولى و أجدر باتباعه سنة الرسول 6، و ارتداعه عما نهاه.
21- ابن قدامة: «مسألة: و من شهد بشهادة زور ادّب و اقيم للناس في المواضع التي يشتهر أنّه شاهد زور اذا تحقق تعمّده لذلك.
قال: و اذا ثبت هذا: فان تأديبه غير مقدور و انما هو مفوّض الى رأي الحاكم، إن رأى ذلك بالجلد جلده، و إن رآه يحبس او كشف رأسه و اهانته و توجيهه فعل ذلك، و لا يزيد في جلده على عشر جلدات، و قال الشافعي: لا يزيد على تسع و ثلاثين لئلا يبلغ به ادنى الحدود، و قال ابن ابي ليلى: يجلد خمسة و سبعين سوطا و هو احد قولي أبي يوسف، و قال الأوزاعي في شاهدي الطلاق: يجلدان مائة مائة و يغرمان الصداق ...
و ما روى عن عمر- بجلد اربعين و يسخّم و يطال حبسه- فقد روي عنه خلافه و انه حبسه يوما و خلّى سبيله.» [2]