الجليل، و الاستعاذة به من الفقر بمعنى الحاجة الى الناس، فلا تصلح أمثال هذه التعبيرات لرفع اليد عما يتبادر من مفهومهما عرفا و شرعا، كما لا يخفى.
و المراد من الفقراء و المساكين: هم الذين لا يملكون قوت سنة لهم و لعيالهم، الشامل للخدم الذين يحتاج إليهم في حفظ عزّه و شرفه، كما يستفاد من بعض النصوص الواردة في عدم إلزامه على بيع داره و خادمه و جمله، مقدمة لحفظ عزّه و شرفه [1]. و يتعدّى عنه إلى كل ما له دخل في حفظ العز، أو يحتاج إليه في شغله، كالكتب لأرباب التحصيل، و أمثال ذلك. و يكفي دليلا على ذلك نصوص مستفيضة شارحة للفقير بأنه «الذي لا يملك قوت سنة» [2]، و إطلاقها يشمل من ملك مقدار النصاب.
و حينئذ لا مجال لجعل ذلك مدار غناه كما توهم، كما لا مجال لجعل المدار على المالكية طول العمر، بدعوى انّ الغني عرفا منصرف الى ذلك، و الفقير في قباله، إذ- مع إمكان منع الانصراف- هو نحو اجتهاد في مقابلة النص.
و ما في بعض النصوص: «فأعلمهم أنّ اللّٰه قد فرض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم» [3]، بتقريب انّ هذا الخطاب عام لكل من ملك النصاب.
و في آخر: «لا تحل الزكاة لمن كان محترفا و عنده ما تجب فيه الزكاة» [4]، بجعله كناية عن مقدار النصاب غير صالح للمعارضة مع ما ذكرنا، و ذلك من جهة اشتمال ذيل الأول على لفظة «الأغنياء»، المشروحة في سائر الروايات:
من ملك قوت سنته، لا مجرد ملك النصاب. و احتمال وفاء حرفته في الثانية
[1] وسائل الشيعة 6: 162 باب 9 من أبواب المستحقين حديث 3.