يقوم على القرينة من إجماعهم، و في الزائد عنه يؤخذ بظهور شرطية وجود الاستطاعة بقول مطلق، الذي لازمة عدم المنع عقلا في تفويته.
و حيث كان الأمر كذلك، فنقول: إنّ القدر المسلّم من الكلمات في حرمة تفويت الاستطاعة، هو حال خروج آخر الوفد من القافلة، و أما غيره فظهور الخطاب في شرطية وجود الاستطاعة بقول مطلق باق بحاله، و لازمة جواز تفويته، كما لا يخفى.
هذا ثم انّ الظاهر من قوله «له زاد و راحلة» في شرح الاستطاعة، اناطة الاستطاعة بملكهما، و لكن قد وردت أخبار مستفيضة بكفاية البذل بلا تمليك، ففي الصحيح: فإن عرض عليه الحج فاستحيى؟ قال: «هو ممن يستطيع الحج، و لم يستحي و لو على حمار أجدع أبتر» [1].
و بمثل هذا المضمون نصوص متعددة، و في ذيل بعضها «فإن كان يستطيع أن يمشي بعضها و يركب بعضها فليفعل» [2]. و هذه الفقرة تقتضي عدم لزوم التمكن من الراحلة بتمامها، و لكن الأصحاب غير ملتزمين به، فلا بد من طرحه أو تأويله بالحمل على من استقر عليه الحج.
كما انّ الظاهر من إطلاق قوله: و لو على حمار كذا، عدم ملاحظة الشأن و الشرف بالنسبة إلى الراحلة، و لا أقل من عدمها في خصوص الوجوب بالبذل، و هذا المقدار أيضا ربما ينتهي إلى عدم الاعتناء بقاعدة الحرج، و هو أشكل. و لذا التزم بعض الأعاظم بطرح هذه الفقرة، أو حمله على بيان أدنى مراتب البذل بالنسبة إلى متعارف الناس، غير المبالين بركوبه، عملا
[1] وسائل الشيعة 8: 26 باب 10 من أبواب وجوب الحج حديث 1.
[2] وسائل الشيعة 8: 29 باب 11 من أبواب وجوب الحج حديث 2.