و من هنا أيضا ظهر ما في كلام المصنف من قوله: و من غير ذلك مرة و الثلاث أفضل، إذ قد عرفت أن رواية الثلاث في الآنية واردة في مطلق النجاسة، و لا قصور فيها. غاية الأمر اختصاص ذلك بالمياه القليلة، أما العاصمة فمقتضى الإطلاقات الاكتفاء بالمرة، من غير فرق بين الفأرة و غيرها، عدا ما استثني.
ثم لو تنجس الإناء بالبول، فمقتضى إطلاق خبر الثلاث الاكتفاء به، لعدم احتمال الأزيد منه حينئذ و لو للإطلاق المزبور.
و أما بالنسبة إلى الماء الجاري فإطلاق قوله: «فإن كان جاريا فمرة» [1]، الاجتزاء بالمرة.
و أما في غير الجاري، فبعد الجزم بأنّ الإناء ليس أضعف من غيره، فلا يبقى مجال للأخذ بمطلقات التطهير فيها و الاكتفاء بالمرة، بل لا بد من الأخذ بفحوى المرتين في الإناء أيضا و إن كان مورده غير الإناء.
اللهم إلّا أن يقال: إنّ مقتضى الفحوى المذكورة هو عدم أضعفية الإناء من غيره، و أما كونه مساويا له فلا، فمن المحتمل اجراء حكم القليل عليه، فتستصحب النجاسة حتى تكتمل ثلاث غسلات.
و حينئذ فيشكل الاكتفاء بالمرة في الجاري أيضا، بل الاستصحاب يقتضي اعتبار الثلاث في الإناء من البول حتى في الجاري، فضلا عن غيره، و اللّٰه العالم.
هذا كله حكم الإناء، و أما غيره، فإن كان من بول، فبعد الجزم بإلغاء الخصوصية عن الثياب التي هي مورد النص [2]، فإن كان في الجاري
[1] وسائل الشيعة 2: 1001- 1002 باب 1 و 2 من أبواب النجاسات.