و ما فيها من العلماء و المكتبات. ثم ألّف السيد مجد الدين محمد بن طاوس كتاب البشارة و أهداه إلى هولاكو، فأنتجت هذه الخطوة أن ردّ هولاكو شئون النقابة في البلاد الفراتية إلى السيّد ابن طاوس و أمر بسلامة المشهدين الشريفين و الحلّة.
و بعدها- و في مرحلة إصلاح المعتدي و ردعه عن ارتكاب الجرائم و هدايته هو و من معه الى الصراط المستقيم، من باب الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر- قام النصير الطوسي باقناع هولاكو باعتناق الدين الإسلامي، و فعلا قد نجح في ذلك و أسلم هولاكو و من معه من المغول، و استطاع النصير الطوسي (رحمه اللّٰه) من المحافظة على ما تبقّى من التراث بعد هلاك جلّه، و صار الطوسي وزيرا لهذا السلطان، و قام بمهام كبيرة في خدمة العلم و العلماء و الحفاظ على النفوس و الدماء.
و بعد ذلك كله جاء دور علّامتنا الحلّي (رضوان اللّٰه تعالى عليه) ليؤدّي واجبه المقدّس، حيث يحدّثنا التاريخ عن كيفية استبصار السلطان محمد خدابنده و أكثر قادته و أمرائه، و ذلك عند ما طلّق السلطان زوجته ثلاثا، و أجمع علماء المذاهب على وجوب المحلل، ثم مجيء العلّامة الحلّي (رضوان اللّٰه تعالى عليه) و مباحثته مع علماء العامة و إقامة الأدلة الدامغة عليهم، حيث أسفرت تلك المباحثة عن تشيع السلطان و أكثر من معه.
و قد ذكر هذه الحادثة مفصّلة العلّامة المجلسي في روضة المتقين [1]، و ذكرها الحافظ الأبرو الشافعي بوجه آخر [2].
و بقي العلّامة ملازما للسلطان محمد خدابنده في حلّه وتر حاله، يعمل على نشر المذهب الحق و تركيز دعائمه، إلى أن توفي السلطان في سنة 716 ه فرجع العلّامة إلى الحلّة و اشتغل بالدرس و التأليف و تربية العلماء و تقوية المذهب.