responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : نفح الطّيب المؤلف : الشيخ أحمد بن محمد المقري التلمساني    الجزء : 1  صفحة : 78

وأبصر كثبانا وهزّ روادف

عليهنّ أغصان وهنّ قدود

وأقطف ورد الخدّ وهو مضرّج

وأجني أقاح الثغر وهو برود

وأدني ذراعي للعناق ذريعة

فتنهى عن الإفراط فيه نهود

ويسري إليّ البدر وهو ممنّع

ويغدو إليّ الظّبي وهو شرود

ونكرع في شكوى الفراق كأننا

فوارط هيم راقهنّ ورود [١]

وأكبر مقدار الهوى عن كبيرة

وأحمي عفافي دونه وأذود

وفرق ما بين الجوهر والعرض ، والصّحّة البيّنة والمرض ، والدّرّ والحصا ، والحسام والعصا ، والرجوع إلى التفويض للأقدار ، في أمور هذه الدار ، الكثيرة الأكدار ، هو المطلوب ، والمرجوّ من الله سبحانه جبر القلوب : [المجتث]

يا ربّ نفّس همومي

واكشف كروبي جميعا

فقد رجوت كريما

وقد دعوت سميعا

ولم يجعل لي المذكور. حفظه الله!. فسحة ولا مندوحة ، بعد هذه الأعذار المحمودة في الصدق الممدوحة ، ولسان حالي وقالي ، يثبتان عجزي عن أداء هذا الحقّ بشهادة من هو وادّ وقالي ، إذ من كان بصفة ، غير متمكّنة مما تكون به متّصفة ، واتّسم بنعوت مختلفة ، وارتسم في غير ذوي الأحوال المؤتلفة ، كيف يحير في التصنيف جوابا ، أو ينتحي من التأليف صوابا؟ ومن جفنه هام هامل ، وقصوره عامّ شامل ، كيف يقبض بالأنامل ، على ماء البحر الوافر الكامل؟ ومن لبس من العيّ ملاه [٢] ، لا يعبّر عمّن طبّق مفاصل الكلام [٣] وكلاه ، وقصّرت ألسن البلغاء عن علاه ، وزانت صدور الدواوين حلاه ، وجمّع خلالا حسانا ، وكان للدّين لسانا ، وزاحمت مفاخره بالمناكب الكواكب ، وازدانت بمرآه النوادي والمواكب ، ونفحات الأزهار من آدابه ، ونسمات الأسحار عطر أذياله وأهدابه ، والسّحر من كتابته ، والسّحر من كنايته ، وروح النسيم من تعريضه ، والنّثرة من نثره ، والشّعرى من شعره وقريضه ، وحلل المجد لباسه ، وأنوار العلم اقتباسه : [الوافر]

له ذهن يغوص ببحر علم

فيأتي منه بالدّرّ النظيم


[١] الفوارط : جمع فارط ، وهي من القطا ونحوها التي تتقدم نحو الماء للشرب ، والهيم : جمع هيماء وهي الشديدة العطش ، وفي القرآن الكريم (فَشارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ).

[٢] ملاه : أصله «ملاءه» فقصره لإتمام السجع ، والملاء : جمع ملاءة ، وهي الثوب.

[٣] يقال «فلان يجيد الحز ، ويطبق المفصل» إذا كان خبيرا عارفا بمواضع الإصابة.

اسم الکتاب : نفح الطّيب المؤلف : الشيخ أحمد بن محمد المقري التلمساني    الجزء : 1  صفحة : 78
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست