ثم شمّرت عن ساعد العزم بعد الإقامة بمصر مدّة قليلة ، إلى المهمّ الأعظم والمقصد الأكبر الذي هو سرّ المطالب الجليلة ، وهو رؤية الحرمين الشريفين ، والعلمين المنيفين ، زادهما الله تنويها ، وبلّغ النفوس ببركة من شرفا به مآرب لم تزل تنويها ، فسافرت في البحر إلى الحجاز ، راجيا من الله سبحانه في الأجر الانتجاز ، إلى أن بلغت جدة ، بعد مكابدة خطوب اتّخذت لها من الصبر عدّة ، فحين حصل القرب ، واكتحلت العين بإثمد تلك التّرب ، ت رنّمت بقول من قال ، محرّضا على الوخد والإرقال [١] : [البسيط]
بدا لك الحقّ فاقطع ظهر بيداء
واهجر مقالة أحباب وأعداء
واقصد على عزمة أرض الحجاز تجد
بعدا عن السّخط في نزل الأودّاء
وقل إذا نلت من أمّ القرى أربا
وهو الوصول بإسرار وإبداء
يا مكة الله ، قد مكّنت لي حرما
مؤمّنا لست أشكو فيه من داء
فمذ رأى النازح المسكين مسكنه
في قطرك الرّحب لم ينكب بأرزاء
شوق الفؤاد إلى مغناك متّصل
شوق الرياض إلى طلّ وأنداء
ثم أنشدت ، عندما بدت أعلام البيت الحرام ، قول بعض من غلب عليه الشوق والغرام ، وقد بلغ من أمانيه الموجبة بشائره وتهانيه المرام : [البسيط]