responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : نفح الطّيب المؤلف : الشيخ أحمد بن محمد المقري التلمساني    الجزء : 1  صفحة : 214

صغيرين ، فبسط يده أرطباش على ضياعهم ، وضمّها إلى ضياعه ، وذلك في خلافة أمير المؤمنين هشام بن عبد الملك ، فأنشأت سارة بنت ألمند مركبا بإشبيلية حصينا كامل العدّة ، وركبت فيه مع أخويها الصغيرين تريد الشام حتى نزلت بعسقلان من ساحلها ثم قصدت باب الخليفة هشام بداره بدمشق ، فأنهت خبرها ، وشكت ظلامتها من عمّها وتعدّيه عليها [١] ، واحتجّت بالعهد المنعقد لأبيها وأخويه على الخليفة الوليد بن عبد الملك ، فأوصلها إلى هشام نفسه ، وأعجبه صورتها وحزمها. وكتب إلى حنظلة بن صفوان عامله بإفريقية بإنصافها من عمّها أرطباش وإمضائها وأخويها على سنّة الميراث فيما كان في يد والدها ممّا قاسم فيه أخويه ، فأنفذ لها الكتاب بذلك إلى عامله بالأندلس أبي الخطار ابن عمّه ، فتمّ لها ذلك ، وأنكحها الخليفة هشام من عيسى بن مزاحم ، فابتنى [٢] بها بالشام ، ثم قدم بها إلى الأندلس ، وقام لها في دفاع عمّها أرطباش عن ضياعها ، فنال بها نعمة عظيمة ، وولد له منها ولداه إبراهيم وإسحاق فأدركا الشرف المؤثّل [٣] والرياسة بإشبيلية ، وشهرا ونسلهما بالنسبة إلى أمهما سارة القوطية. وكانت أيام وفادتها على الخليفة هشام رأت عنده حفيده عبد الرحمن بن معاوية الداخل بعد إلى الأندلس ، وعرفها ، فتوصّلت إليه [٤] لمّا ملك الأندلس ووفدت إليه ، فاعترف بذمامها وأكرمها ، وأذن لها في الدخول إلى قصره متى جاءت إلى قرطبة فيجدّد تكرمتها ولا يحجب عياله منها. وتوفي زوجها عيسى في السنة التي ملك فيها عبد الرحمن الأندلس ، فزوّجها عبد الرحمن من عمير بن سعيد.

وكان لها ولأبيها ألمند وعمّها أرطباش في صدر الدولة العربية بالأندلس أخبار ملوكية : فمنها ما حكاه الفقيه محمد بن عمر بن لبابة المالكي أنه قصد أرطباش يوما إلى منزله عشرة من رؤساء رجال الشاميين فيهم الصّميل وابن الطّفيل وأبو عبدة وغيرهم ، فأجلسهم على الكراسي ، وبالغ في تكريمهم ، ودخل على أثرهم ميمون العابد جدّ بني حزم ، وكان في عداد الشاميين ، إلّا أنه كان شديد الانقباض عنهم لزهده وورعه ، فلما بصر به أرطباش قام إليه دونهم إعظاما ، ورقاه إلى كرسيه الذي كان يجلس عليه ، وكان ملبّسا صفائح الذهب ، وجذبه ليجلسه مكانه ، فامتنع عليه ميمون ، وقعد على الأرض ، فقعد أرطباش معه عليها ، وأقبل عليه قبلهم ، فقال له : يا سيدي ، ما الذي جاء بك إلى مثلي؟ فقال له : ما تسمعه ، إنّا قدمنا إلى هذا البلد غزاة نحسب أن مقامنا فيه لا يطول ، فلم نستعدّ للمقام ولا كثّرنا من العدّة ثم حدثت [٥] بعدنا


[١] في ب : واستعدت عليه.

[٢] ابتنى بها : دخل بها.

[٣] الشرف المؤثّل : الثابت العظيم.

[٤] في ب : فتوسّلت بذلك إليه.

[٥] في ب : ثم حدث.

اسم الکتاب : نفح الطّيب المؤلف : الشيخ أحمد بن محمد المقري التلمساني    الجزء : 1  صفحة : 214
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست