responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : نفح الطّيب المؤلف : الشيخ أحمد بن محمد المقري التلمساني    الجزء : 1  صفحة : 213

إنه لم يرجع ، بل اقتحم أرض جلّيقية واخترقها حتى انتهى إلى مدينة أسترقة ، فدوّخ الجهة ، وانصرف إلى طليطلة ، والله أعلم. وقيل : إن طارقا دخل الأندلس بغير أمر مولاه موسى بن نصير ، فالله أعلم. قال بعضهم : وكانت إقامته في الفتوح وتدويخ البلاد إلى أن وصل سيّده موسى بن نصير سنة ، وكان ما سيذكر.

وأنشد في المسهب وابن اليسع في «المغرب» لطارق من قصيدة قالها في الفتح : الطويل]

ركبنا سفينا بالمجاز مقيّرا

عسى أن يكون الله منّا قد اشترى [١]

نفوسا وأموالا وأهلا بجنّة

إذا ما اشتهينا الشيء فيها تيسّرا

ولسنا نبالي كيف سالت نفوسنا

إذا نحن أدركنا الذي كان أجدرا [٢]

قال ابن سعيد : وهذه الأبيات ممّا يكتب لمراعاة قائلها ومكانته ، لا لعلوّ طبقتها ، انتهى.

وأما أولاد غيطشة فإنهم لمّا صاروا إلى طارق بالأمان ، وكانوا سبب الفتح حسبما تقدّم ، قالوا لطارق : أنت أمير نفسك أم فوقك أمير؟ فقال : بل على رأسي أمير ، وفوق ذلك الأمير أمير عظيم ، فاستأذنوه في اللّحاق [٣] بموسى بن نصير بإفريقية ليؤكّد سببهم به ، وسألوه الكتاب إليه بشأنهم معه ، وما أعطاهم من عهده ، ففعل. وساروا نحو موسى فتلقّوه في انحداره إلى الأندلس بالقرب من بلاد البربر وعرّفوه بشأنهم ، ووقف على ما خاطبه به طارق في ذمّتهم وسابقتهم ، فأنفذهم إلى أمير المؤمنين الوليد بالشام بدمشق ، وكتب إليه بما عرّفه به طارق من جميل أثرهم ، فلمّا وصلوا إلى الوليد أكرمهم وأنفذ لهم عهد طارق في ضياع والدهم ، وعقد لكلّ واحد منهم سجلّا ، وجعل لهم أن لا يقوموا لداخل عليهم. فقدموا الأندلس ، وحازوا ضياع والدهم أجمع ، واقتسموها على موافقة منهم ، فصار منها لكبيرهم ألمند ألف ضيعة في غرب الأندلس ، فسكن من أجلها إشبيلية مقتربا منها ، وصار لأرطباش ألف ضيعة ، وهو تلوه في السنّ ، وضياعه في موسّطة الأندلس ، فسكن من أجلها قرطبة ، وصار لثالثهم وقلة ألف ضيعة في شرقيّ الأندلس وجهة الثغر ، فسكن من أجلها مدينة طليطلة ، فكانوا على هذه الحال صدر الدولة العربية ، إلى أن هلك ألمند كبيرهم ، وخلّف [٤] ابنته سارة المعروفة بالقوطية وابنين


[١] مقيّرا : مطليا بالقار ، وقد أخذ معنى الأبيات من قوله تعالى (إِنَّ اللهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ).

[٢] سالت نفوسنا : أي متنا.

[٣] في ب : باللحاق.

[٤] في ب : تخلّف.

اسم الکتاب : نفح الطّيب المؤلف : الشيخ أحمد بن محمد المقري التلمساني    الجزء : 1  صفحة : 213
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست