والثاني : حكاية هاروت وماروت ، فإنّهما كانا ملكين ففسقا عن أمر ربهما.
واُجيب عن الأول : أنّه بني علىٰ التغليب ، أو يكون المستثنىٰ فيه منقطعاً.
وعن الثّاني بأنّها مؤوّلة ، وقد أوّلها العلّامة ، في التفسير الصافي [١] ، عند تفسير قوله تعالىٰ : ( وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ )[٢] ، بعد ذكر أحاديث كثيرة مختلفة الورود في قصتهما عن الأئمة :. والآيات الدالّة علىٰ عصمتهم في القرآن الحكيم كثيرة جداً.
وأمّا الثالث ، فجميع الفقهاء والحكماء والمتكلمين مطبقون علىٰ وجوب عصمة الأنبياء في اعتقاداتهم ، وقائلون بأنّهم معصومون عن الكفر ، إلّا الخوارج ـ لعنهم الله ـ فإنّهم يقولون : من صدر عنه الخطيئة فهو كافر [٣] ، ويجوّزون صدور الذنب عن النبيين :.
وأمّأ الرابع ، قال كثير من المعتزلة [٤] ، وجمّ غفير من الأشاعرة [٥] : إنّ العصمة مخصوصة بزمان البعثة في الأنبياء ، ولا يجب قبلها.
وأمّا الخامس ـ يعني العصمة عن الصغيرة والكبيرة ، عمدهما أو سهوهما ـ ففيه أقوال ومذاهب [٦] :
فالحشويّة قد جوّزوا تعمّد الصغيرة والكبيرة علىٰ الأنبياء ، وكثير من المعتزلة جوّز تعمّد الصغيرة ، بشرط عدم خساستها ، كسرقة اللقمة وتطفيف الكيل ، وأمثال ذلك.
والحنابلة قالوا : جاز صدور الذنب عن الأنبياء علىٰ سبيل الخطأ في التأويل.