responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : شرح دعاء كميل المؤلف : آية الله السيّد عبد الأعلى السبزواري    الجزء : 1  صفحة : 139

أي الذي خلقني من العدم ، ومضت عليّ أزمنة طويلة ما كنت فيها شيئاً مذكوراً ، كما أخبر عنها القرآن الحكيم بقوله تعالىٰ : ( هَلْ أَتَىٰ عَلَى الْإِنسَانِ حِينٌ مِّنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُن شَيْئًا مَّذْكُورًا ) [١].

ثم أحسن بي وأشار باسمي حين وقعت نطفتي في رحم اُميّ ، فحفظني فيها وما أضاعها ، ثم جعلني في أربعين يوماً علقة حمراء ، كما مرّ.

ثمّ جعلني مضغة ، ثمّ جنيناً ذا نفسين : نفس نباتية ، ونفس حيوانية.

ثمّ ألهمني جذب دم الطمث في رحم اُمي من السرّة إلىٰ معدتي ، وغذّاني به ما أبقاني فيه ، إلىٰ أن مضت عليّ الشهور ، وأثّرت فيّ الكواكب السبعة.

ثمّ أخرجني منها ملهماً بالتقام ثدي اُمي ، ومعلّماً بالبكاء ، ولولا إلهامه تعالىٰ وتعليمه لجعلتُ الئدي في فضاء فمي اُلجلجه وما مصصته.

ثمّ حفظني ورزقني في الدرجة الحيوانية إلىٰ أوان بلوغي الصوري ، ثمّ وفّقني لتحصيل كمالاتي النفسانية ، واكتساب معارفه ومعارف أوليائه وأنبيائه ، إلىٰ أن بلغت أشدّي.

فكنت مدّة في هاوية الهيولىٰ والظلمات ، وزماناً في فيفاء الجمادات ، ووقتاً في آجام القصبات ومنبت النباتات ، وبرهة كالديدان في الموحلات ، وكباقي الحيوانات والعجماوات.

وفي جميع هذه المواقف والمقامات ، غذّاني وربّاني وحفظني وكلأني ، وصيّرني إنساناً في أحسن تقويم ، ذا الأيدي والقوىٰ والقُدُر ، فبأيّ لسان أشكر نعماءه وأحمد آلاءه ؟ وفي أي بيان أدرج محامده وثناءه ؟

غير آنكه زبان بكام خموشى كشيم ودم نزنيم

_____________________________

[١] « الإنسان » الآية : ١.

اسم الکتاب : شرح دعاء كميل المؤلف : آية الله السيّد عبد الأعلى السبزواري    الجزء : 1  صفحة : 139
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست