أراد السائل : أنّني وقفت علىٰ قديم ذكرك الذي ذكرتك به في سالف الزمان ، يعني أوائل عمري وعنفوان شبابي ، الذي هو زمان الغرور والغفلة في الأغلب. ووقفت علىٰ العطية التي أعطيتني بها في الأزمنة السابقة.
أراد بها : التوفيق لتحصيل معارفه تعالىٰ ، وما اجتهدت حقّ الاجتهاد في معرفة صفاتك وأفعالك وحقيقة أوامرك ونواهيك ، وما ساعدني التوفيق إلىٰ الوصول إلىٰ ذروة شهود جمالك وجلالك ، والوفود علىٰ فناء جنابك ، والقعود في عتبة بابك.
ومقصوده : أنّه ما حصل لي الترقّي إلىٰ المقامات التي يبلغها أهل الحقيقة بعد البرهان ، بموهبة التخلّق والعيان والفناء ، الذي هو قرّة عين أهل السلوك والعرفان ، بحول الله الملك المنّان.
قال رسول الله 6 : ( مَن تساوىٰ يوماه فهو مغبون ) [١]. وفي رواية : ( مَن اعتدل يوماه فهو مغبون ) [٢].
وفي حديث آخر ، قال 6 : ( سيروا فقد سبق المفردون ) [٣].
والمقصود : الحثّ والإغراء علىٰ الفورية ، كما قال الله تعالىٰ : ( فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ )[٤]( وَسَارِعُوا إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ )[٥] ؛ فإنّ الأنفاس بيد قدرة الله تعالىٰ ، فلعل الإنسان قبض في الآن وحرم من أداء التكليف ، ففاتته الغبطة العظمىٰ ، وغبن الغبن الأفحش.
ولذا قال المولوي :
صوفى ابن الوقت باشد ابرفيق
نيست فردا گفتن از شرط طريق
_____________________________
[١] « معاني الأخبار » ص ٣٤٢ ، ح ٣ ؛ « وسائل الشيعة » ج ١٦ ، ص ٩٤ ، أبواب جهاد النفس ، ب ٩٥ ، ح ٥.