ومن كلمات بعض العارفين ، قال : « عرفت الله بجمعه بين الأضداد ، كالجمع بين الخفاء والظهور » [١] كما في الدعاء : ( يا مَن خفي من فرط ظهوره ، واستتر بشعاع نوره ).
والجمع بين القرب والبعد كما فيه أيضاً ( يا من بعُد فلا يُرىٰ ، وقرب فشهِد النجوىٰ ) [٢] ، وبين العلو والدنو : ( يا مَن علا في دنوّه ، يا من دنا في علوه ) [٣] ، والجمع بين الدخول في الأشياء والخروج عنها ، كما في قوله 7 : ( داخل في الأشياء لا بالممازجة ، وخارج عن الأشياء لا بالمزايلة ) وغير ذلك.
( ظَلَمْتُ نَفْسي )
بتركها في اتّباع الشهوات ، ومشايعة وساوس الشيطان ، والخروج عن قيود طاعة الرحمن ، إلىٰ أن فاتها الوصول إلىٰ كمالاتها البالغة ، والعروج إلىٰ مقاماتها الشامخة الفائقة.
ثمّ إنّ للنفس معاني وإطلاقات ، سيأتي ذكرها إن شاء الله تعالىٰ.
التجري : من الجرأة ، وهي عبارة عن سرعة الوقوع في الأمر من غير تدبّر ورويّة. والباء للسببية ، أي تجرأت وأسرعت إلىٰ مشتهيات نفسي ، بسبب جهلي وعدم عرفاني بعواقبها ، كما قال الشاعر :
ولقد نهزت مع الغواة بدلوهم
وأسمت سرح اللحظ حيث أساموا
_____________________________
[١] القائل هو أبو سعيد الخراز علىٰ ما نُقل في « الفتوحات المكية » ج ٤ ، ص ٣٢٥.